(فصل): في الفرق بين جناية المباشرة والتسبيب:
  فائدة: روي عنه ÷: «أن النطفة إذا وقعت في الرحم فأربعين يوماً نطفة، وأربعين يوماً علقة، وأربعين يوماً مضغة، ثم ينفخ فيه الروح ويأمر الله تعالى الملكين(١) يكتبان رزقه وأجله» فتبارك الله أحسن الخالقين.
  واعلم أنه يجوز للمرأة تغيير النطفة قبل أن ينفخ فيها الروح بإذن الزوج، فإن لم يأذن أثمت ولا ضمان، فإن كان قد نفخ فيه الروح لم يجز ولا يسقط الضمان ولا الإثم وإن أذن الزوج؛ لأن الإذن قبل اللزوم، إلا أن يبرئها من بعد، فإن أذن لها قبل أن ينفخ فيه الروح فشربت الدواء ثم نفخ فيه الروح ثم مات بسبب ذلك الدواء فلا ضمان؛ لأن الإذن في وقت يجوز ولو لم يمت إلا بعد الحياة.
  وقد روي في هذا المعنى منه(٢) مسألتان: فقهية ونحوية:
  إذا حبلىً اختارت خروج جنينها ... ولم يتخلق جاز عن إذن بعلها
  ففيه ما عرفت في الفقه، وهو الجواز قبل النفخ مع إذن الزوج، وفيه تنوين المقصور للضرورة، فتأمل، والله أعلم.
(فصل): في الفرق بين جناية المباشرة والتسبيب:
  (و) اعلم أن (المباشر مضمون) على فاعله (وإن لم يتعد) الفاعل (فيه) يعني: في فعله، وذلك كمن رمى في ملكه فيصيب سارقاً فإنها تكون هذه الجناية مضمونة على عاقلته ولو كان غير متعد في الرمي في ملكه، وكالإرداء من شاهق، وسواء كانت الجناية على آدمي أو بهيمة أو مال غيرهما، وسواء كان متعدياً أم لا، عالماً أم لا. وكذا يضمن الحداد والنجار والعمار والمفلق ما انفصل من فعلهم ولو كان الفاعل قد أبعده وحذره من ذلك؛ لأنه مباشر. وكذا من قتل غيره بالماء مباشرة (فيضمن غريقاً من أمسكه) يريد إنقاذه (فأرسله) من يده (لخشية تلفهما) جميعاً وإن كان في الأصل محسناً بإرادة الإنقاذ ولما(٣) خشي على نفسه معه أرسله في الماء
(١) لفظ هامش شرح الأزهار (٩/ ٢٦٠): ويأمر الله تعالى الملائكة أن تكتب.
(٢) كذا في المخطوطات.
(٣) كذا في المخطوطات.