تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في صفة الأذان والإقامة:

صفحة 392 - الجزء 1

  مرضيين عن أبي محذورة أنه قال: أمرني رسول الله ÷ أن أقول [في الأذان]⁣(⁣١): «حي على خير العمل»، وكذلك ابن عمر وعلي بن الحسين كانا يؤذنان به، قال الإمام يحيى #: والفقهاء لا يختلفون في إنكاره ورده⁣(⁣٢)، قال: واعلم⁣(⁣٣) أنا لا ننكر فضلهم ولا إحرازهم لمنصب الاجتهاد، وهم الغواصون في أسرار الشريعة والمتبحرون في علومها، لكنا نقول: [إنهم] ما أنصفونا في إنكار هذه الكلمة وإسقاطها من الأذان وقوتُها ظاهرةٌ بالأدلة التي ذكرناها، ولم ينزلوها منزلة التثويب، فإنهم أثبتوه مع ما فيه من الضعف وعدم النص عن رسول الله ÷، فلينظر الناظر ويتحقق ما بين الكلمتين من الضعف والقوة. وقد روى البيهقي في السنن الكبرى بإسناد صحيح عن عبدالله بن عمر أنه كان يؤذن بـ «حي على خير العمل» أحياناً، وروى فيها عن علي بن الحسين # أنه قال: هو الأذان الأول، وروى المحب الطبري في أحكامه عن زيد بن أرقم أنه أذّن بذلك، وقال المحب: رواه ابن حزم، ولم يعلم أن أحداً من الصحابة أنكر على ابن عمر وزيد بن أرقم، ولا أحد من التابعين أنكر على علي بن الحسين، وقد أورد البيهقي حديثاً في نسخ ذلك، ولكنه من طريق ضعيفة لا يثبت النسخ بمثله، والله أعلم.

  (والتثويب) في الأذان والإقامة، وهو قول المؤذن: «الصلاة خير من النوم» بعد قوله: «حي على الفلاح» (بدعة) بإجماع أهل البيت $، في صلاة الفجر وفي غيرها. قال القاسم #: محدَثٌ أحدثه عمر؛ وليس فيه حديث إلا حديث أخرجوه الآن ضعيف. والتثويب: هو الرجوع، لما كان المؤذن يرجع إلى الدعاء سمي تثويباً.

  مَسْألَة: والأذان والإقامة يجب الترتيب بينهما، فلا تجزئ الإقامة قبل الأذان، ولا حاله لو أذن واحد وأقام آخر؛ لقوله ÷: «من أذن فليقم» فاقتضت «الفاء» الترتيب بينهما بتنبيه النص، وظاهر كتب أهل المذهب وسائر العلماء يدل على ذلك


(١) ما بين المعقوفين من الانتصار.

(٢) في المخطوط: لا يخلون في إنكار وروده، والمثبت من الانتصار.

(٣) كل النسخ: «لو علم»، والمثبت من أصول الأحكام.