تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الديات)

صفحة 432 - الجزء 6

  الديات في الحي لزم الكل لكل ما يوجب دية، ويلزم تكررها إذا تكرر موجبها، فلو قطع أنفه وقلع عينيه⁣(⁣١) وأزال أذنيه لزم في كل عضو دية كاملة، و (كالمتواثبين) لو تواثب رجلان بالسلاح فقتل أحدهما الآخر والآخر ضرب القاتل له ضربتين أو ضربة أزال بها عينيه وأجفانهما وقطعت أنفه وشفتيه - وجب في الميت ديته⁣(⁣٢)، وفي الحي أربع ديات، فيثبت لورثة الضارب قتل الذي قتل مورثهم، وهم يدفعون الديات من مال الضارب إن كان له مال، وإلا فلا شيء عليهم - لأنها جناية عمد - ولو قتلوا القاتل.

  والمسألة مبنية على أنهما باغيان وأن الضربات متقدمة على القتل أو حصل الضرب والقتل في وقت واحد؛ إذ لو تأخرت الضربات لم يلزم المقتول شيء؛ لأنه مستحق لدمه، ويكون لورثته أن يقتلوه، ولا حكم لفعل مورثهم؛ إذ هو كالمُوَرَّد. فإن كان أحدهما باغياً هدر دمه، وإن كانا جميعاً باغيين وكان كل واحد لا يندفع من الآخر إلا بما وقع فيه من الجنايات هدرا جميعاً، فتأمل، فلم يبق في تصوير المسألة إلا أنهما باغيان وكل واحد يندفع من الآخر بدون ما فعل، فتأمل.

  فَرْعٌ: ولو جنى أحد على غيره بأن أزال أنفه ثم عينيه ثم شفتيه ثم يموت من ذلك فبفعل واحد دية واحدة، وبأفعال مترتبة فإن كان لا يموت إلا بمجموعها فدية واحدة، أو كانت كل واحدة قاتلة بالمباشرة فدية واحدة أيضاً؛ إذ الجنايات الآخرة وقعت وقد صار في حكم الميت، وإن كان ما قبل الأخيرة لا يقتل أو يقتل بالسراية والأخيرة قاتلة بالمباشرة أو بالسراية في وقت أقرب من وقت يقتل فيه ما قبلها - ففي الأخيرة الدية أو القصاص، وما قبلها أرشها ولو دية أو ديات لو كن متعددات، فتأمل، والله أعلم.


(١) في المخطوطات: عينه.

(٢) لفظ شرح الأزهار (٩/ ٣٢٨): فتجب هنا أربع ديات في مال ضاربه، ولورثة الضارب قتله إن شاءوا، ويسلمون الديات من ماله، وإن عفوا سقطت عنهم دية وبقي للقاتل ثلاث ديات.