(فصل): فيمن تصح وصيته
  أنت خليفتي، كما جاء في إيصاء رسول الله ÷ بقوله لأمير المؤمنين: «أنت خليفتي ووصيي» (أو لفظ الأمر) وكان ذلك الأمر (لبعد الموت) يعني موت الموصي، نحو: افعل كذا بعد موتي، فيكون وصية وإن لم يبين بلفظها(١).
  فَرْعٌ: وتصح من الأخرس بالإشارة، وكذا من المصمت بالإشارة أيضاً، وسواء أيس من برئه بعد سنة(٢) أو لا؛ لقصة الجارية وأمامة بنت [أبي] العاص، أما قصة الجارية فهي التي رضخ رأسها اليهودي، وكان النبي ÷ يقول لها: خصمك فلان؟ فكانت تشير برأسها لا، فلما ذكر لها اليهودي أشارت: نعم، فأقر اليهودي فقتله النبي ÷.
  لا يقال: العمل على إقرار اليهودي هنا، وليس بصريح في أنه قتل بسبب إشارتها، نقول: هو ذاك، ولولا إقراره لما قتل، ففي ذلك حق يتعلق بالغير، ولا عمل على إقرارها هنا بأنه اليهودي ولو نطقت، إلا أن الأخذ من القصة من حيث استفهام رسول الله ÷ لها وانتظاره لإشارتها، ففيه دليل على أنه معمول بالإشارة فيما لم يتعلق به حق للغير، والله أعلم.
  وأما أمامة فروي أنها لم أصمتت قال لها الحسن والحسين رضوان الله عليهما(٣): ألفلان كذا؟ فأشارت: نعم، فأجازا وصيتها بذلك، وهو صريح في الوصية.
  (و) تصح الوصية و (إن لم يذكر) الموصي (وصياً) له، فلا يعتبر في صحتها ذكر الوصي، فلو قال: أوصيت بكذا للفقراء أو للمسجد أو نحو ذلك انعقدت، ويتولى ذلك الوارث أو الحاكم إن لم يكن وارث، وكذا لو قال: يطعم عني كذا، أو
(١) في (أ): لفظها.
(٢) صوابه: في سنة. وهذا إشارة إلى قول أبي حنيفة والطحاوي كما ذكره في شرح الأزهار (٩/ ٣٧٨)، ولفظه: وقال أبو حنيفة: لا حكم لإشارته، قال الطحاوي: ما لم ييأس من برئه في سنة كالعنين.
(٣) في (ب، ج): عنهما.