تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): فيما (تبطل) به الوصية

صفحة 509 - الجزء 6

  فإنها تبطل الوصية فيما زاد على الثلث، وأما لو لم يرجع إلا بعد موت الموصي وقد كان أجاز قبل موته فإنه لا يصح منه الرجوع عن تلك الإجازة.

  ووجه ذلك أن للوارث حقاً في مال الميت؛ بدليل أنه لا يخرج منه زائد على الثلث، فلهم إبطال حقهم، وإذا أبطلوه لم يكن لهم الرجوع، كالشفيع إذا أبطل ثم رجع بعد البيع، لا قبل الموت فهو يتجدد الحق كالشفيع لو أبطل قبل، والله أعلم. والرجوع بعد الإجازة على ثلاث صور:

  الأولى: أن يجيزوا في الحياة ويرجعوا في الحياة صح الرجوع.

  الثانية: أن يجيزوا بعد الموت ويرجعوا لم يصح.

  الثالثة: أن يجيزوا في الحياة ويرجعوا بعده فكذا لا يصح، فتأمل.

  فَرْعٌ: فلو قال المجيز: «كلما رجعت عن الإجازة فقد أجزت» نفذ في الجميع، فلو قال من بعد: «كلما أجزت فقد رجعت عن الإجازة» فالقياس أنهما يتمانعان [يعني] قوله: «كلما رجعت عن الإجازة فقد أجزت» وقوله: «كلما أجزت فقد رجعت» فيبطلان جميعاً ويصير هذان اللفظان كلا، وهو قياس ما مر في الوكالة أنه ينتقض قوله الأول بالآخر، ولعله يصير كأنه لم يجز.

  نعم، وإذا كانت الوصية تبطل بالرجوع (فيعمل بناقضة الأولى) من الوصيتين، فإذا اقتضت الوصية أمراً وهو إخراج شيء من مال الموصي فأوصى مرة ثانية [بما] يقتضي نقضها عمل بالناقضة، مثاله: أن يوصي بعين من ماله لشخص ثم يوصي ثانياً بأن تباع عنه ويحجج له بثمنها، أو يقول: العين التي أوصيت بها لفلان قد أوصيت بها لفلان وهو غير الأول فإنه يكون أيضاً رجوعاً عن الإيصاء بها لزيد وتكون لعمرو، ولعله يقال: إلا أن يعرف من قصده اشتراكهما فيها اشتركا.

  فَرْعٌ: فلو أوصى بثلث ماله لزيد ثم قال ثانياً: أوصيت بثلث مالي لعمرو فحيث يقول: الذي أوصيت به لفلان قد أوصيت به لفلان يكون للثاني ذلك الثلث ويكون رجوعاً، وحيث لا يقول كذلك بل أوصى بالثلث أولاً لشخص ثم ثانياً