(فصل): في المندوب من الوصايا وما يلحق الميت بعد موته
  فائدة: ومن لا وارث له فله أن يوصي بجميع ماله؛ إذ بيت المال ليس بوارث حقيقة، والله أعلم.
  (و) ندبت الوصية (من المعدم) وغير المعدم أيضاً، وكذا المستغرق ماله بالدين، وذلك أن يوصي (بأن يبره الإخوان) قولاً وفعلاً بقضاء دين لآدمي أو لله تعالى أو بدعاء أو استغفار أو صلاة أو نحو ذلك. وتلك الوصية ليلحقه ما فعله إخوانه المؤمنون، فإن لم يوص لم يلحقه شيء من ذلك إلا قضاء الدين ولو كان الفاعل لذلك ابن الميت؛ لقوله ÷: «ليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت». وقول النبي ÷ عند [نزول] قول الله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ٣٩}[النجم]: «ألا وإن ولد المرء من سعيه» أراد نفس الولد لا سعي الولد، وإلا لزم أن يكون كفر الولد [كفراً] لأبيه، وطاعته طاعة لأبيه، ولا قائل به. وقول النبي ÷: «إذا مات المرء انقطع عنه كل شيء إلا ثلاثة: صدقة جارية» أو نحو ذلك كالأوقاف ونحوها «أو علم ينتفع به» من تصنيف أو تدريس أو جمعه أو نسخه «أو ولد صالح يدعو له» يحمل ..... (١).
  وما روي أن سعد بن عبادة خرج مع رسول الله ÷ في بعض مغازيه فماتت أمه، فقيل لها قبل موتها: أوصي، فقالت: فيم أوصي؟ إن المال مال سعد، فتوفيت قبل أن يقدم، فلما قدم ذكر ذلك له فقال: يا رسول الله، هل ينفعها أن أتصدق عنها؟ فقال ÷: «نعم» فقال سعد: حائط كذا وكذا صدقة عليها، يعني عنها - محمول أن قولها: المال مال سعد تفويض له في المال يفعل عنها ما أراد، ولعل الحمل متعسف، فتأمل.
(١) بياض في المخطوطات.