تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في حكم أسرى أهل الحرب

صفحة 624 - الجزء 6

  بأمان أو صلح بـ (ـأنه إن تعدى السنة) مقيماً في دارنا (منع الخروج) منها (وصار) بعد السنة (ذمياً) إن كان ممن يصح تركه بإعطاء الجزية، وإلا قتل إن لم يصح ذلك، والمعنى أن يعلم أنه إن تعدى السنة عاد عليه حكم الأصل من جواز أخذ الجزية منه أو عدمه. ووجه التقدير بالسنة أنها المدة المقدرة لأخذ الجزية وغيرها من الحقوق، ولأنها كافية لقضاء الحوائج والبحث عن أمور الدنيا والدين، ولاعتبارها في قوله ÷: «أنا بريء ممن أقام في دار الشرك سنة».

  نعم، وبعد الإعلام لذلك الكافر أنه لا يتعدى السنة بالوقوف (فإن تعداها) يعني: السنة فإما أن يكون عالماً بأنه لا أمان له بعد هذه المدة أو جاهلاً، إن كان عالماً عاد عليه بعدها حكم الأصل؛ فيخير الإمام بين قتله واسترقاقه أو المن عليه بالفداء، وإن تعداها (جاهلاً) للزوم الخروج بعد الإعلام أو جاهلاً مضي السنة (خير الإمام) بين أمرين: إما وأزعجه عن دار الإسلام - ولا يجوز قتله واسترقاقه مع الجهل - أو يقرره على الوقوف في دار الإسلام سنة أخرى، ويكون ذلك بغير جزية، فإن تعدى السنة الأخرى ولو جاهلاً ضرب عليه الجزية إن كان ممن تؤخذ منه الجزية، وإلا فالإسلام أو السيف.

(فصل): في حكم أسرى أهل الحرب

  (و) اعلم أنه (يجوز فك أسراهم) وإن كثروا (بأسرانا) ولو كان واحداً، قال (أبو طالب): و (لا) يجوز فك أسرى أهل الحرب (بالمال) يدفعونه إلينا؛ لأنه يكون كبيع السلاح والكراع منهم. والمختار جواز ذلك؛ لقوله تعالى: {فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}⁣[محمد ٥]، ولفعله ÷ في أسرى بدر، ولأنه ربما كان في أخذ المال للمسلمين من القوة ما هو أبلغ من حبس المشرك، وربما كان نفع المسلمين بالمال أكثر من نفع الرجل لقومه، وهذا خاص بالأسرى؛ لئلا يناقض ما يأتي في الفصل الثاني، ولعله يحمل قول أبي طالب أن ذلك مع عدم المصلحة أو حصول ضرر بإطلاق ذلك الأسير بأن يكون رئيساً لهم أو ذا رأي أو نحو ذلك، فتأمل، والله أعلم.