(فصل): في حكم أسرى أهل الحرب
  (و) يجوز أيضاً (رد الجسد)(١) منهم لو كان قتيلاً في حوز المسلمين فيجوز رده، وإنما يرد (مجاناً) يعني: بغير عوض في رده، وذلك لأن الميت لا يجوز بيعه ولا أخذ العوض عليه ولو كان أخذ أموالهم مباحاً؛ لأن ذلك توصل إلى المباح بالمحظور، ولأن النبي ÷ امتنع من أخذ عشرة آلاف درهم يؤديها المشركون على رد قتيل منهم سقط في الخندق، ورده لهم بغير شيء، والقتيل هو نوفل بن عبدالله بن المغيرة المخزومي، اقتحم الخندق عام الأحزاب فتوسط(٢) فيه فقتل وغلب المسلمون على جسده، فأعطي رسول الله ÷ عشرة آلاف كما مر وامتنع من أخذها وقال ÷: «لا حاجة لنا في جسده ولا ثمنه» وخلي بينهم وبينه.
  فَرْعٌ: وأما أخذ جسد القتيل المسلم منهم بالمال منا فجائز لنا أن ندفعه ونستفديه، والله أعلم.
  (ويكره حمل الرؤوس) من القتلى من الكفار أو البغاة، وهذه الكراهة للتنزيه، فتزول بتقدير المصلحة كإرهاب على العدو أو نحوه، ووجه الجواز أن النبي ÷ أمر يوم بدر بطلب أبي جهل، فطلبه عبدالله بن مسعود بين القتلى فوجده في آخر رمق، فوضع رجله على عنقه فاحتز رأسه، ثم أتى به النبي ÷ فلم ينكر عليه، وروي عنه لعنه الله أنه قال لعبدالله: أعمق في قطع رأسي لا يقال: أبو جهل كان قصير العنق. وقد أمر الهادي # بحمل رؤوس من البون إلى صعدة وإلى نجران، وقد روي أنه حمل إلى الناصر بن الهادي ® نحواً من مائة من قتلى نغاش، وإلى غيره من الأئمة، وقد روي الحمل إلى أمير المؤمنين علي # ففزع من ذلك وقال: «ما كان في زمن النبي ÷» فيحمل ذلك على عدم المصلحة في [حمل] الرؤوس والجواز على حصولها، والله أعلم.
(١) في المخطوطات: يرد الجسد. والمثبت لفظ الأزهار.
(٢) لفظ سيرة ابن هشام (٢/ ٢٥٣) وهامش شرح الأزهار (٩/ ٥٧٣): فتورط.