(فصل): في حكم أسرى أهل الحرب
  (وتحرم المثلة) بالقتلى وكل حيوان. والمثلة: إيقاع القتل على غير الوجه المعروف، وهو فري الأوداج أو نحوها في الحيوانات غير الآدمي، ومن جاز قتله(١) من الآدميين فبضرب العنق، ويحرم خلاف ذلك، وكذا بعد القتل أيضاً تحرم المثلة بقطع أذن أو يد أو نحوهما من سائر الأعضاء إلا لضرورة كما مر، وهو عدم إمكان القتل إلا بالمثلة فيجوز، وكذا تجوز المثلة بالقتيل لمصلحة، كأن يعرف الإمام عدم انزجار العدو إلا بذلك، وقد روي عنه ÷ أنه مثل بالعرنيين من قيس البجليين، روي أنه لما أصابهم الوباء أمرهم النبي ÷ إلى مولاه يسار راعي إبل الصدقة وهو يرعى ناحية الحما، فشربوا من ألبانها وأبوالها، فلما صحوا عَدَوا عليه فذبحوه وغرزوا الشوك في عينيه وساقوا الإبل، فأرسل ÷ في أثرهم كرز بن جابر، فأتى بهم إلى النبي ÷ فسمل أعينهم وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وطرحهم في الرمضاء، يستسقون فلا يسقون حتى ماتوا، لعنهم الله تعالى، ولعل مثل هذا حد المحارب(٢)، وقيل: إن الله عاتبه على ذلك.
  (قيل) هذا القول للقاضي زيد (و) معناه أنه يحرم (رد الأسير) من المشركين إليهم (حربياً) بالمن عليه أو أخذ الفداء منه، وهذا أعم من قول أبي طالب الذي مر، فإنه حرم رده بالمال، وهذا قال: يحرم رده حربياً مطلقاً، والمختار جواز رده حربياً بالمال أو المن؛ لقوله تعالى: {فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}[محمد ٤] إلا لمصلحة في عدم رده كما مر، والله أعلم.
(١) لفظ شرح الأزهار (٩/ ٥٧٤): إيقاع القتل على غير الوجه المعروف من ضرب العنق في الآدميين، والذبح والنحر في البهائم.
(٢) لفظ شرح الخمس المائة للنجري (١/ ٢٤٢): وأما حديث العرنيين وسمل أعينهم فكان قبل حد المحاربة. اهـ ونحوه في هامش شرح الأزهار (٩/ ٥٧٤).