(فصل): في بيان من تجوز مصالحته مؤبدة ومن لا تجوز إلا إلى مدة مقدرة وبيان حكم أهل الذمة المؤبد صلحهم
(فصل): في بيان من تجوز مصالحته مؤبدة ومن لا تجوز إلا إلى مدة مقدرة وبيان حكم أهل الذمة المؤبد صلحهم
  (و) اعلم أنه (يصح تأبيد صلح العجمي) سواء كان كتابياً أم لا، (و) كذلك العربي (الكتابي)، لا غير الكتابي فلا يجوز تأبيد صلحه، وإذا جاز تأبيد صلح من ذكر فإنما هو (بالجزية) يؤديها إلى المسلمين، ولعله يقال: أو بالخراج أو بالمعاملة كما فعله الهادي # في نجران، فليتأمل.
  وحكم المجوس حكم أهل الكتاب في جواز تأبيد صلحهم بالجزية، وقد روي عن عبدالرحمن بن عوف أن النبي ÷ أخذ الجزية من مجوس هجر، وقد قال ÷ في المجوس: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب غير آكلي ذبائحهم ولا ناكحي نسائهم» وقد استدل بجعل «غير» استثناء على جواز نكاح [المحصنات من] أهل الكتاب وأكل ذبائحهم، وعلى جعلها صفة كما هو المختار لا استدلال بذلك على ما ذكر.
  مَسْألَة: وأما المتمسك بصحف إبراهيم # أو إدريس أو زبور داوود @ فحكمه حكم الوثني؛ إذ كتبهم لم يكن فيها أحكام، بل مواعظ وقصص، ولا حرمة لها، فتأمل.
  (و) اعلم أن المسلمين إذا ظفروا بالعجميين أو الكتابيين(١) فإنه (لا) يجوز أن (يردون) أولئك (حربيين) ولا يردوا في الذمة أيضاً؛ لأنه قد صار عليهم للمسلمين ما صار، وقد صار من تمسك به منهم في أسفل درجات الإهانة والذلة والمسكنة، وقد أمن كيدهم الإسلام، وردهم كذلك ينقض ذلك، فإما أن يقبلوا الإسلام فيصير حكمهم حكم من أسلم طوعاً، وإلا خير الإمام بين قتلهم واسترقاقهم وتقريرهم على دينهم على تسليم جزية يؤدونها كل سنة.
  قال مولانا #: فلا يجوز ردهم في هذه المسألة وإن جاز في الأسير؛ لتجويز
(١) في (ج): والكتابيين.