(فصل): في بيان من تجوز مصالحته مؤبدة ومن لا تجوز إلا إلى مدة مقدرة وبيان حكم أهل الذمة المؤبد صلحهم
  للناس المسلمين ليتميزوا عنهم، واللائق باليهود من اللباس ما يشابه القردة؛ تذكيراً لهم ما مسخ بعضهم إليه، قال تعالى: {وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ}[المائدة ٦٠]، وذلك الأغبر، ولعله الذي بين السواد والبياض، ولا يلبسون أحمر ولا أصفر؛ لتحريمهما على المسلمين، ولا يجوز أن نأمرهم بما هو محرم علينا. واللائق بالمجوس الأكهب، وهو ما بين الأحمر والأسود؛ لعبادتهم النار، فيصغرون من جنس ما كفروا بعبادته. والنصارى يلزمون لبس الأزرق؛ لعدم(١) جماله كالأبيض والأسود، (و) إذا تعذر إلزام الزي مما مر من الأمرين ألزموا (جز وسط الناصية) وهو وسط الرأس من مقدمه، ومنعوا من فرق الشعر ولبس العمائم والقلانس الحرير أو نحوها. فإلزام أهل الذمة أحد هذه الأمور واجب؛ ليحصل التمييز لمن رآهم بين المسلمين، وقد عرفوا في زماننا بإرسال بعض شعر الرأس على الصدغين وجعل قلنسوة معروفة على رأسه من دون عمامة، وفي النساء بأردية معروفة تتميز للرائي وكيفية أرجل السروايل بكيفية مخصوصة لا يفعلها غيرهن وهو إلزام حسن؛ لما في ذلك في الرجال والنساء منهم من الصغار.
  (و) اعلم أنه يجب أن يلزموا أيضاً ثمانية أمور، ويجوز ذلك لآحاد المسلمين من باب النهي عن المنكر، ويجب إذا تكاملت الشروط:
  الأول: أنهم (لا يركبون على الأكف) بضم الهمزة والكاف وتخفيف الفاء جمع إكافٍ، وهو الذي يوضع على ظهر الدابة ليصدها(٢) من ألم الأحمال، فلا يركب على ذلك أهل الذمة (إلا عرضاً) وهو أن يجعل رجليه إلى جانب من الدابة. وكذا إذا وضع سرج الخيل على الدابة - وهو الحمار والأنثى منه - فإنه لا يركب على ذلك إلا عرضاً، وكذلك حقائب الإبل، وسواء كان الراكب منهم مكلفاً أو غير مكلف. وإذا لم يكن على ظهر البهيمة إكاف ولا نحوه جاز أن يركبوا كيف شاءوا.
(١) في المخطوطات: بعد. وفي هامش (أ): لعله أراد لعدم جماله، فينظر.
(٢) لفظ شرح الأزهار (٩/ ٥٧٧): ليقي ظهورها من أن تجرحها الأحمال.