تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في تمييز دار الإسلام عن دار الكفر، وبيان وجوب الهجرة عن دار الكفر

صفحة 638 - الجزء 6

  كتاباً، وعلى إدريس ثلاثون، وعلى إبراهيم عشرة، وعلى موسى قبل التوراة عشرة، والتوراة، والإنجيل، والزبور، والفرقان، والله أعلم.

  مَسْألَة: (وتجب الهجرة عنها) يعني: عن دار الكفر؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا}⁣[الأنفال ٧١] ولقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً ٩٧}⁣[النساء] عنه ÷: «برئت ذمة الله ممن وقف في دار الحرب سنة» وقوله ÷: «لا هجرة بعد الفتح» حمل على وجوبها من مكة؛ لأنها قد صارت دار إسلام. لعموم⁣(⁣١) دليل وجوبها، ولوجود العلة المقتضية لوجوبها في غيرها⁣(⁣٢). والهجرة واجبة ولو حمل مضطجعاً حيث تمكن من ذلك، والسبب⁣(⁣٣) يشعر بذلك، وهو ما فعله جندب بن ضمرة⁣(⁣٤)، فقد روي أنه لما علم وجوب الهجرة⁣(⁣٥) قال: أنا مستطيع، وقال لأولاده: احملوني، فحملوه على سرير ومات في الطريق فلظن المشركين عدم وقوع أجره نزل: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}⁣[النساء ١٠٠]، فالهجرة تخالف الحج؛ لأنه لا بد في وجوب الحج من إمكان الاستمساك على الراحلة قاعداً؛ لأن الحج فعل واجب، والهجرة ترك محظور، فهي أشد، والله أعلم.

  ولوجوب الهجرة من دار الكفر يكفر من شاركهم مستحلاً وإن قل، وينظر هل يكفر بالوقوف سنة من دون استحلال؟ وأما العصيان بالوقوف ذلك القدر


(١) كذا في المخطوطات.

(٢) كذا في المخطوطات.

(٣) في المخطوطات: والسنة. والمثبت من هامش شرح الأزهار (٩/ ٥٨٧).

(٤) في بعض الروايات: جندب بن ضمرة، وفي بعضها: ضمرة بن جندب.

(٥) في المخطوطات: الجهاد. ولعل ما أثبتناه الصواب.