(فصل): في تمييز دار الإسلام عن دار الكفر، وبيان وجوب الهجرة عن دار الكفر
  واعلم أن وجوب الهجرة على المسلم من دار الكفر أو الفسق هو الخروج عن تلك (إلى) محل (خلي عما هاجر لأجله) من كفر أو فسق، ليخرج(١) عن دار الكفر إلى دار الإسلام، وعن دار الفسق إلى دار الإحسان، والمراد عدم ذلك العصيان في المحل الذي هاجر إليه، عنه ÷: «من فر بدينه من أرض إلى أرض وإن كان شبراً من الأرض استوجبت(٢) له الجنة وكان رفيق إبراهيم ونبيه محمد ÷»، ويدخل في ذلك من يقوم من مجلس إلى مجلس آخر لما عرض في الأول من محظور، سواء(٣) كان فعلاً أو قولاً.
  [(أو)] إذا لم يجد محلاً خالياً عما يريد أن يهاجر لأجله بل كان العصيان منتشراً في الأرض كزماننا لا قوة إلا بالله، اللهم إنا نسألك بفضلك أن تنصر دعاة ابناء بنت نبيك لإحياء كلمته وشرعه وإعلاء كلمتك وقراراً لأعين مؤمني عبادك، إنك جواد كريم، بيدك الخير، إنك على كل شيء قدير، آمين، فإذا لم يجد كذلك وجب عليه أن يهاجر [إلى] (ما فيه دونه) يعني: دون ما هاجر منه من المعاصي، كأن يكون فيه القتل وأخذ المال وفي الذي يهاجر إليه أخذ المال فقط، أو في المحل الذي هاجر منه الزنى والظلم والذي يهاجر إليه الظلم فقط، أو الزنى فقط. ويهاجر أيضاً من المحل الذي فيه فعل المنكر من الظلم أو الزنى أو نحوهما إلى ما فيه ترك الواجب فقط كترك الزكاة أو الصلاة أو نحوهما؛ إذ ترك الواجب أهون من فعل المحظور، وكذا محل العصيان بترك الواجب أحق(٤) من محل فعل المحظور. ووجوب الهجرة إلى ما فيه دون المحل الأول كما يجب على المكلف تقليل النجاسة وإن لم تزل جميعاً يجب تقليل المعصية، ولا شك أن رؤية المعصيتين
(١) لعلها: فيخرج. ولفظ شرح الأزهار (٩/ ٥٨٩): فيهاجر.
(٢) في المخطوطات: استوجب. والمثبت من البيان (٦/ ٥٧٧).
(٣) في المخطوطات: وسواء.
(٤) كذا في المخطوطات.