تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في تمييز دار الإسلام عن دار الكفر، وبيان وجوب الهجرة عن دار الكفر

صفحة 642 - الجزء 6

  نقلهم إلى أقرب حي من المسلمين ويعرفهم بحالهم⁣(⁣١) وينهض إلى إمامه، ويكل أمر عياله إلى الله وإلى أهل ذلك الحي من المسلمين. قال #: ومن تصفح أحوال الصحابة وسيرهم علم أن أكثرهم هاجر بدينه عن دار وعقار ومال، وبقي المهاجر في دار هجرته في حال ضريرة، يؤجر نفسه ليعود عليه ما ينفق على أولاده، وقد⁣(⁣٢) نبه الله على أن خشية العيلة⁣(⁣٣) ليس عذراً في مثل ذلك، حيث قال: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}⁣[التوبة ٢٨] قلت: ويؤيد هذا: {يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً}⁣[النساء ١٠٠] وإطلاق عموم السعة⁣(⁣٤) يقتضي البشارة بسعة الرزق وغيره. وينظر هل التنبيه هذا يستقيم على أصل المذهب أم لا؟ والله أعلم.

  (إلا) أن يترك الهجرة عن داره (لمصلحة) يراها يعود نفعها على الإسلام والمسلمين، كإرشاد ضال من أهل ذلك البلد وإنقاذه عن الباطل، ولو واحداً، أو بأن يكون في وقوفه معلماً أو متعلماً لا يحصل المراد من ذلك إلا في ذلك المحل، أو يكون داعياً وفوقه إلى نصرة الإمام بإرشاد بعض أهل ذلك المحل بالقيام مع ذلك الإمام، أو نحو هذه الأمور من المقتضيات لأرجحية بقائه في ذلك المحل، ولعله ما [لم] يحمل على ترك واجب أو فعل محظور فلا يجوز البقاء، ويرجح مصلحة الهجرة على مصلحة الوقوف؛ إذ هذا ضرر عائد إلى نفسه معلوم أو مظنون، وتلك مصلحة مظنونة تعود على غيره، فليتأمل في ذلك.

  فائدة: روي أنه خرج العباس عم النبي ÷ [مع المشركين] إلى بدر مكرهاً وأسر، وفدى نفسه وابني أخويه عقيلاً ونوفل بن الحارث، وأسلم عقيب


(١) في المخطوطات: بحاله. والمثبت من هامش شرح الأزهار.

(٢) في المخطوطات: فقد. والمثبت من هامش شرح الأزهار.

(٣) في المخطوطات: العيال. والمثبت من هامش شرح الأزهار.

(٤) كذا في المخطوطات: وإطلاق عموم السعة.