(فصل): بيان أسباب الردة وحكم المرتد
  يعني: الموعود به في القرآن أو أي الكتب المنزلة من القيامة والجزاء بالجنة أو النار - المراد من ذلك الروحاني، يعني: أن ذلك يقع للأرواح لا الأجسام. ومن التكذيب أن يقول: إن المراد بالتعذيب نقل الأرواح إلى هياكل فتعذب فيها بالأسقام من دون جنة ونار ومحشر كما يقوله التناسخية، أو إن المراد بالقيامة قيام الإمام لا غير وإن هذا العالم باقٍ أبداً كما تقوله الدهرية، كما حكى الله عنهم: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ}[الجاثية ٢٤]، فأي هذه الاعتقادات ونحوها ومرجعها(١) إلى تكذيب النبي ÷ فيكون ذلك كفراً، وينظر لو لم يعتقد تصديق النبي ÷ فهل يكفر؟ (أو فعل) يدل على الاستخفاف بشريعة النبي ÷ أو بما أمر الله بتعظيمه، سواء علم أن ذلك كفر أم جهل كونه كفراً، وذلك كوضع المصحف أو شيء من كتب الحديث أو الفقه أو شيء من علوم الهداية وكذا [كل] علم اشتمل عليه اسم الله تعالى فإذا وضع شيئاً من ذلك في القاذورات مع قصد الإهانة أو الاستخفاف(٢) كان ذلك كفراً، وكذا إحراقه بالنار أو رميه بالسهام أو الحجارة أو ما أشبه ذلك كان ذلك ردة بلا إشكال، ولعل من ذلك هدم الكعبة أو شيء من المساجد استخفافاً بها أو لقصد إهانتها فإنه ردة، فتأمل (أو) اتخذ المسلم (زي) يختص به الكفار، كأن يجعل عليه الزنار المختص بالنصارى أو يلبس ما هو من خواصهم، وفي جهاتنا لو أسبل على صدغيه بعض شعر رأسه على كيفية ما يسمى زناراً عرفاً ومعه القلنسوة، فإذا فعل ما هو كذلك من خواص الكفار كان ذلك ردة، وسواء فعل ذلك معتقداً لشرعية ذلك أو على وجه الاستهزاء أو السخرية أو المجون أو لأي أمر آخر فإنه يكفر بذلك باطناً وظاهراً (أو لفظ كفري) وسواء علم أنه يكفر به أم لا، نحو أن يقول: هو كافر أو يهودي أو
(١) كذا في المخطوطات. ولفظ شرح الأزهار (٩/ ٥٩٢): فأي هذه الاعتقادات إذا وقعت ممن كان قد أسلم [أو حكم له بالإسلام] وصدق الأنبياء فيما جاءوا به كان ردة موجبة للكفر بلا خلاف بين المسلمين.
(٢) في (ج): والاستخفاف.