تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): فيما يفعله الناهي عن المنكر في ملك الغير

صفحة 674 - الجزء 6

  تنكح أسامة، ولا تنكح معاوية لعنه الله ولا أبا جهم؛ فيؤخذ جواز غيبة الخاطب والمخطوبة على جهة النصيحة وأنه⁣(⁣١) لا يكون غيبة (أو) يذكر الغائب بما فيه (جرحاً) له عند حاكم فإنه لا يأثم الجارح بذلك وإلا لمنع الجرح، ويحد إذا كان بزنا إذا لم تكمل البينة عليه كما مر (أو) يذكره بذلك (شكاء) على الغير سواء كان يقصد ذلك عن نفسه أو لا، وسواء كان ممن يرجى منه نفعه ويعينه على إزالة ما يشكو به من ذلك الغائب أم لا، قال تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ}⁣[النساء ١٤٨]، وهذا أحد التأويلات، ففي هذه الصورة تجوز الغيبة، ومتى جازت لوجه من ذلك جاز أن يغتاب بقبح الخلقة إذا كان المغتاب الذي جازت غيبته ينقص عند السامع وتنحط مرتبته فلا حرج في ذلك؛ لقوله ÷ في وصف معاوية لعنه الله تعالى: «رحب البلعوم» يعني: واسع الحلق، وتمامه: «لا أشبع الله له بطناً»، وفي تعريف صفة الدجال: «إنه أعور».

  مَسْألَة: من كان له جار يؤذيه فأراد رفعه إلى سلطان ظالم ليدفع عنه أذيته وضرره، وهو يعرف أن السلطان يفعل به خلاف ما يجب شرعاً - لم يجز [له] رفعه إليه؛ إذ تسببه في ظلمه كأمره به، والله أعلم.

  (و) إذا أراد التوبة وجب أن (يعتذر المغتاب) اسم فاعل (إليه) يعني: إلى المغتاب اسم مفعول، ويكون ذلك على وجه التواضع وإظهار الندامة، وإنما يجب ذلك (إن علم) المغتاب بأن فلاناً قد اغتابه، وأما إذا لم يعلم فإنه لا يجوز؛ لأن في ذلك إيغار صدره. ويكفي الظن أنه قد علم، فإن لم يحصل لم يجب.

  وإذا اعتذر إليه فيكفيه ذلك من دون أن يبين ما⁣(⁣٢) اغتابه به. وإذا التبس هل علم أم لا فلا يعتذر إليه [بل تكفيه التوبة]؛ إذ الأصل عدم العلم.


(١) في المخطوطات: غيبة الخاطب والمخطوبة نصيحة وأن. والمثبت من هامش شرح الأزهار (٩/ ٦٢٥).

(٢) في المخطوطات: وجه ما. وحذفنا «وجه» كما في هامش البيان (٦/ ٥٩٦) وشرح الأزهار (٩/ ٦٢٧).