(فصل): في معاملة الظلمة
  وإنما تجوز إعانة الظالم على ذلك الوجه المذكور بشرطين:
  الأول: قوله |: (مهما وقف على الرأي) يعني: رأي المعينين له في الرأي الذي أعانوه فيه لم يتعد بسبب إعانتهم له إلى غيره مما لا يجوز (ولم يؤد) أيضاً (إلى قوة ظلمه) بسبب إعانتهم له، بأن تقوى شوكته على الرعية بسبب تلك الإعانة وتمتد يده في قبض ما لا يستحقه من الواجبات، فصارت هذه ثلاثة وجوه: وهي أن يعينوه على أخذ الأعشار ونحوها فلا يجوز، وعلى دفع الأكثر ظلماً فيجب.
  والثالث: أن يقصدوا إزالة الأكثر، لكن عرفوا أنهم إذا أعانوه على ذلك ازداد ظلماً فينظر هل تحرم إعانته مطلقاً؟ أو ينظر إلى تلك الزيادة فإن بلغت مثل(١) ظلم المعان عليه أو فوقه لم تجز المعاونة، أو بلغت دونه فلعله يجوز؛ لأنه دفع منكر بما هو أهون منه، قال الإمام |: قلت: وهذه المعاني قد تضمنها(٢) لفظ الأزهار فتأمله تجد بياناً(٣) شافياً، والله أعلم.
  مَسْألَة: (ويجوز) للمكلف (إطعام الفاسق) إذ الإطعام قربة إلى الفاسق وإلى غيره ولو كافراً؛ لأن الله تعالى مدح من أطعم الأسارى من الكفار في قوله: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ٨}[الإنسان] نزلت في أهل بيت رسول الله ÷ لما أتاهم السائل الأول فقال: مسكينكم ... إلخ، وقد أمر أمير المؤمنين بإطعام اللعين ابن ملجم بعد أن ضربه لعنه الله (و) يجوز أيضاً (أكل طعامه) يعني: الفاسق حيث لا يؤدي إلى المحبة المحرمة كما يأتي، لا الكافر فلا يجوز أكل طعامه، وذلك حيث ترطب به، لا إن كان معه شراء أو نحوه فيجوز إذا لم يؤد إلى ما ذكر أولاً (و) يجوز أيضاً (النزول عليه) يعني: الفاسق في داره؛
(١) في (أ، ج): فوق، وكذا في (ب) وكتب عليها: مثل. وهو الصواب كما في هامش شرح الأزهار (٩/ ٦٣٠).
(٢) وفي البيان ما لفظه: ± فإن كان ذلك يؤدي إلى زيادة ظلمه وقوته لم يجز مطلقاً، ذكره المؤيد بالله. (من هامش شرح الأزهار ٩/ ٦٣٠).
(*) في المخطوطات: نظمها. ولفظ الغيث كما في هامش شرح الأزهار: وقد تضمن لفظ الأزهار.
(٣) في المخطوطات: فتأمله فإنه شافياً. والمثبت لفظ الغيث كما في هامش شرح الأزهار.