تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في معاملة الظلمة

صفحة 680 - الجزء 6

  مَسْألَة: (وتحرم الموالاة) للكافر أو الفاسق على ما هو عليه من الكفر أو الفسق، وتجب معاداته على ما هو عليه من أحد ذينك الأمرين، وتجب موالاة المؤمن على ما هو عليه من الإيمان، وتحرم معاداته على ذلك، وهي إرادة إنزال الضرر به متى أمكنه، لا التواحش الذي يقع بين بعض المؤمنين من غير إرداة مضرة فذلك ليس بعداوة، بل يجب دفعه ما أمكن، وقد يقال: إنه وقع ذلك بين الحسنين ومحمد بن الحنفية، والحسن البصري وابن سيرين، فلينظر.

  قال تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ}⁣[المجادلة ٢٢] إلخ، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ}⁣[الممتحنة ١]، وقال ÷: «المؤمنون كالبنان أو كالبنيان يشد بعضه بعضاً» وقال ÷: «والذي نفس محمد بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره أو أخيه كما يحب لنفسه»، وقال ÷: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد [الواحد] إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».

  واعلم أن الموالاة والمعاداة كلاهما في القلب ويعبر عنهما اللسان، بخلاف المحالفة والمناصرة فهما في اللفظ (و) حقيقة الموالاة (هي: أن تحب له كل ما تحب لنفسك) من جلب نفع أو دفع ضرر (وتكره له كل ما تكره لها) [أي: تكره] لنفسك من نزول مضرة أو استخفاف أو نحو ذلك، فيجب ذلك للمؤمن على إيمانه، ويحرم للكافر أو الفاسق على كفره أو فسقه. وعكسها⁣(⁣١) المعاداة أن تحب له كل ما تكره وتكره له كل ما تحب، يحرم ذلك للمؤمن على إيمانه والكافر والفاسق على كفره أو فسقه. وهل يعتبر في موالاة الكافر اجتماع الأمرين، وهما المحبة والكراهة؛ فإذا أحب له كل ما يحب كان عاصياً بذلك وإن لم ينضف إلى


(١) في المخطوطات: وعكسهما.