(فصل): في معاملة الظلمة
  ذلك أن يكره له كل ما يكره؟ فتأمل (فتكون) الموالاة والمعاداة ولو مستقلاً أحدهما (كفراً أو فسقاً بحسب الحال) المقتضي لذلك، فحيث تكون الموالاة للكافر على كفره فكفر، أو لفاسق على فسقه ففسق، لا لغير ذلك من خصال خير فكما مر أنه جائز. وحيث تكون المعاداة للمؤمنين لأجل إيمانهم [فإنها] كفر ولو على واحد منهم وكان ذلك لأجل الإيمان، لا إذا كانت لغير الإيمان بل لمكروه صدر إليه منهم فإن هذه المعاداة لا تكون كفراً ولا فسقاً، بل معصية محتملة تجب التوبة عنها.
  تنبيه: ومن تجند مع الظلمة يستعينون به على الجبايات وأنواع الظلم [فحكمه] أنه يكون عاصياً، وهل يفسق بذلك لأنه قد صار من جملتهم، وفسقهم معلوم، أم لا؟ وكذا فيمن تجند معهم للحرب للإمام فقد صار باغياً ببغيهم على إمام الحق، عنه ÷: «من سود علينا فقد شرك في دمائنا» وقد روي أنه لما أسر العباس عم النبي ÷ قال له النبي ÷ يفتدي نفسه وهو وعقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث فقال: ليس لي مال، فقال له النبي ÷: «بل وضعت عند أم الفضل كذا - يعني: امرأته - وقلت لها: لكل واحد من بني كذا»، فقال العباس: أشهد أنك نبي؛ لأنه لم يعلم هذا غيري، وقال: إني كنت مسلماً ولكنهم استكرهوني، فقال له النبي ÷: «ظاهرك علينا» ولم يقبل عذره، وافتدى نفسه بأربعين أوقية، وكان الفداء من غيره في ذلك اليوم عشرين أوقية، ذكره في الكشاف.
  فائدة: يجوز الدعاء للظالم بما يجوز فعله لله تعالى، كالرزق والعافية، لا بطول البقاء فلا يجوز. فإن قيل: لم فرقتم بين الدعاء بالرزق والعافية وبين الدعاء بالبقاء مع أن العافية والبقاء بمعنى واحد؟ قيل: يمكن الفرق بأن الدعاء بالعافية إنما هو من الألم الذي ناله ونزله به، ولا يلزم منه طول البقاء؛ إذ قد يبقى وقد لا يبقى، بخلاف التصريح بطول البقاء. ولفظ متن تكملة الأحكام: وأما الدعاء له [أي: