(باب النجاسات)
  طهرت حكماً ضرورة لا قياسًا؛ فيُصَلى عليها بعد النضوب ولو قبل الجفاف، ويتيمم من ترابها، وذلك بعد الجفاف، لا لما ينبع من الماء بعد النضوب فلا يعتبر الجفاف كما في الصلاة عليها، وكذا لو صب الماء المتنجس على أرض فإنها تطهر بالنضوب في الرخوة كما يأتي إن شاء الله تعالى.
  (و) الأمر الثاني مما يطهر الآبار و نحوها، وذلك: (بنزح) الماء (الكثير) وهو ما لم يظن استعمال النجاسة باستعماله كما يأتي حدّه في باب المياه، فالمعنى إذا كان الذي في البئر أو غيرها كثيراً ووقعت فيه نجاسة غيرت ريحه أو لونه أو طعمه فإن ذلك الماء يطهر بالنزح منه بالدلاء ونحوها (حتى يزول تغيره) وبعد زوال التغير يصير الباقي طاهراً إن كان الذي بقي كثيراً أو ملتبساً، أو زال التغير من دون نزح طهر، وإلا يزل التغير [إلا](١) والباقي قليل وجب نزحه إلى القرار؛ [إذ(٢)] يصير له حكم القليل وإن كان قد زال تغيره.
  هذا - أعني: وجوب النزح في الماء الكثير - (إن كان) ثَمَّ تغير حصل لوقوع تلك النجاسة في ذلك الماء من لون أو ريح أو طعم (وإلا) يقع تغير في الماء الكثير بوقوع النجاسة فيه لا ريحه ولا لونه ولا طعمه (فطاهر) لا يجب النزح عنه، بل حكمه الطهارة جميعه (في الأصح) من مذهبين، المختار منهما الطهارة ولو قد وقعت فيه نجاسة، إلا المجاورين الأول والثاني، وما عداهما من ذلك الماء جميعه فطاهر، وسواء كانت تلك النجاسة مائعة أو جامدة، تفتت أم لا، وسواء كانت صغيرة كحد العصفور أو نحوه، أو كبيرة كحد الجدي أو نحوه.
  فَرْعٌ: وحيث يتغير الماء الكثير بنجاسة ثم زال تغيره، فإن كان بوقوع ماء طاهر عليه أو لزوال بعض منه وبقي كثير - فإنه يطهر، وإن كان لوقوع ساتر عليه، بمعنى [أن] ريح ذلك الواقع ستر ذلك التغيُّرَ لغلبته عليه، وذلك كالمسك والورس والكافور ونحوها - لم يطهر ذلك الماء؛ إذ لم يزل تغيره، بل سُتر بذلك الواقع، وإن
(١) ساقط في (ب).
(٢) ساقط في (ب) ويوجد مكانها «و».