(فصل): في ذكر مسنونات الصلاة
  يكون مستثنياً منها موضعاً(١)، فاقتضى ذلك النهي عن رفع الأيدي فيها [عامًا](٢) من غير تخصيص.
  فالأول من المسنونات: (التعوذ) فحكمه أنه سنة، ومحله قبل التوجه، وصفته: «أعوذ بالله السميع العليم، من الشيطان الرجيم». وهو سرٌّ مطلقاً، في السرية والجهرية. عنه ÷: «إذا قام أحدكم إلى الصلاة احتوشته الشياطين كاحتواش الجراد بالزرع، فعليكم بالتعوذ».
  فائدة: روى مسلم أن شيطان الصلاة اسمه: خَنزب. والمراد به الخسيس(٣)، وفي الحديث: «إن شيطان الوضوء اسمه الولهان، وغيره من الأعمال يقال له: خَنْزَب».
  (و) ثانيها: (التوجهان) فهما مسنونان، ويشرعان في النفل وصلاة الجنازة، وهما سرٌّ في الجهرية والسرية، وهما: «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا، وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ، إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِيَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ، وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ» إلى هنا يقال له: التوجه الكبير. وما يروى عن رسول الله ÷ أنه كان يقول: «وأنا أول المسلمين» فهو مختص به؛ إذ هو أول المسلمين.
  والتوجه الصغير: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ».
  ومحل التوجهان وكذلك التعوذ على المختار (قبل التكبيرة) أو ما في حكمها، وهو الصمت مع إرادة الدخول في الصلاة في حق من هو متعذر عليه النطق. فالصفة عندنا في افتتاح الصلاة: أن يتعوذ أولاً، ثم يتوجه بالكبير، ثم بالصغير، ثم يكبر للإحرام، ثم يقرأ. فلو توجه في الصلاة - أعني: بعد الافتتاح بالتكبير - فهو قرآن قُرِأَ
(١) لفظ الشفاء: ذم رفع الأيدي في الصلاة من غير أن يكون استثنى منها موضعًا من موضع.
(٢) ما بين المعقوفين من الشفاء.
(٣) هكذا في المخطوطات، وفي هامش الهداية وهامش شرح الأزهار: والمراد بالشيطان الجنس.