تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب صفة الصلاة) يعني ماهيتها

صفحة 459 - الجزء 1

  وأما محل القنوت من الصلاة فهو (عقيب آخر ركوع) من الصلاة التي يقنت فيها، وذلك بعد الاعتدال منه، فلو قنت قبل الركوع سجد للسهو إذا اعتد به، وإلا فلا سجود.

  وأما بما يقنت فذلك (بالقرآن) لا بغيره فتفسد الصلاة. ويكون جهراً، فلو ترك الجهر في صلاة الفجر سجد للسهو؛ إذ ترك مسنون الجهر. قال في الأحكام: قال يحيى #: «أحب ما يقنت به إلينا ما كان آيةً من القرآن، مما فيه دعاء [وتمجيد]⁣(⁣١) وذكر لله الواحد الحميد، مثل قوله ø: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}⁣[البقرة: ٢٨٦]، وأورد الآية إلى آخر السورة، ثم قال: وبقول الله تعالى: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ٢٠١}⁣[البقرة].

  قال في الشفاء: وروي عن علي # أنه كان يقنت في الفجر بهذه الآيات: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ} ... إلى قوله: {مُسْلِمُونَ ١٣٦}⁣[البقرة]، وقد روي خبر عن النبي ÷ أنه كان يقول في القنوت: «لا إله إلا الله العليم - أو العظيم -، والحمد لله رب العالمين، وسبحان الله عما يشركون، والله أكبر أهل التكبير، والحمد لله الكبير، {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا} الآيات [آل عمران: ٨]»، رواه⁣(⁣٢) [الباقر] محمد بن علي بن الحسين بن علي $ جميعاً، وروي أيضاً القنوت بالدعاء المشهور، وهو: «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت» وقد اختار القنوت بهذا والذي قبله غيرُ أهل المذهب؛ ولعلهم يحملون ذلك على النسخ، والمقررُ أن القنوت بغير القرآن مفسد عندنا، فتأمل.

  وأما من يقنت فهو الإمام والمنفرد؛ ويتحمله الإمام عن السامع كالقراءة، فلو


(١) كل النسخ: وتحميد، والمثبت من الأحكام.

(٢) في (ج): «ورواه».