تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في صلاة العليل:

صفحة 467 - الجزء 1

  فَرْعٌ: وإذا كان الماء والتراب يضران الملامس لهما سقطت عنه الصلاة، ولا يقال: إنه يصلي على الحالة، فذلك خاص فيمن عدمهما. وكذا لو كان يقدر على الفاتحة، ولا يقدر على الآيات إلا وقد ذهب عقله سقطت عنه الصلاة أيضاً، لا إذا كان عقله يزول بملامسة الماء وجب عليه التيمم، كمن عدم الماء، ولا تسقط عنه؛ وكذا إذا كان عقله يزول بالقيام فقط فإنه يجب عليه أن يصلي من قعود، ثم مضطجعاً كما يأتي.

  إن قيل: لِمَ فرقتم بين الصلاة إذا سقطت لزوال العقل فلا يجب قضاؤها، بخلاف الصوم إذا تركه للعذر المرجو ثم زال وجب قضاؤه ولو كان العذر زوال العقل؟ قد أجيب: بأن زوال العقل من جنس المرض، والمريض يجب عليه قضاء الصوم؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}⁣[البقرة: ١٨٤] فكان خاصاً، وبقيت على الأصل الصلاة؛ لقوله ÷: «رفع القلم ... إلخ».

  وأقول: هذان عامان، وقد خص رفع القلم بـ {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} في حق الصائم، فوجب عليه القضاء. فهلّا قِيْسَت الصلاة على الصوم، وما وجه تخصيص أحد العامين بالآخر؟ وهلّا قيل: يخرج من عموم المرض الجنون لرفع القلم ... إلخ فلا يجب القضاء في الصوم وغيره، وهو أولى، فليتأمل، والله أعلم. وقد مر ما وجه تخصيص الأذكار لو تعذرت كما في حق الأخرس ولا تسقط الصلاة، بخلاف الأركان فتسقط كما في حق العليل - بأن الأذكار تبع للأركان فلا تسقط الصلاة لو تعذرت، بخلاف الأركان فهي الأصل لو سقطت لتعذرها فلا يجب ما هو تبع لها، فتأمل، والله أعلم.

  (و) تسقط الصلاة عن العليل بأمرٍ ثانٍ، وذلك: (بعجزه عن الإيماء) للصلاة، وإنما يلزمه الإيماء لأركان الصلاة (بالرأس) فقط، ولا يجب بغيره من العينين واليدين، مهما أمكنه الإيماء برأسه وجب عليه، وإلا سقطت عنه ولا يجب عليه غيره، ولو كان عقله ثابتًا لم يتغير، وذلك حيث يتعذر الإيماء به حال كون ذلك العليل قد صار (مضطجعاً) لا يمكنه القيام ولا القعود، وأما إذا كان يمكنه القيام والقعود فإنه يلزمه أن يفعل ذلك الممكن له ولو تعذر عليه الإيماء برأسه، ويومئ لركوعه