تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب النجاسات)

صفحة 52 - الجزء 1

  مَسْألَة: (و) تطهر (المياه القليلة المتنجسة) ببول أو نحوه، وذلك (باجتماعها) بأن يضم بعضها إلى بعض (حتى كثرت) بأن صارت لا يظن استعمال النجاسة باستعمالها (و) إنما تطهر بالاجتماع مع الكثرة إذا (زال تغيرها) أيضاً لو كان، كإناءٍ على انفراده فتغير لونه أو ريحه أو طعمه فلما اجتمعت زال ذلك التغير فإنها تطهر بذلك، فإن لم يزل التغير لم تطهر بالاجتماع ولو صارت به كثيراً.

  هذا (إن كان) ثمة تغير، وإلا يكن ثمة تغير في شيء منها وإنما حكم على كل واحد أنه نجس لأجل القلة فإنها تطهر بالاجتماع حتى صارت كثيرة؛ إذ قد زال الموجب للنجاسة، وهي القلة.

  وهذه المسألة على أصلنا صحيحة لا يتوهم عدم صحتها من حيث انضمام نجس إلى نجس فلا يصير المجموع طاهراً؛ لأن علة التنجيس قد زالت، وهي القلة والتغير أو القلة فقط، فتأمل فليس كما قد قيل - على مذهبنا -: يلزم لو انضم طاهر إلى طاهر كدون قطرة من الدم إلى مثلها حتى صار المجموع قطرة فما فوق أن لا يحكم بنجاسته؛ إذ قد وجد الموجب للحكم بالنجاسة، وهو وجود نصابها من الدم، والله أعلم.

  فَرْعٌ: فلو كانت هذه المياه التي اجتمعت مستعملةً أو أكثرها فلا حكم لاجتماعها.

  (قيل) هذا القول خرجه أبو مضر وعلي خليل على أصل المؤيد بالله وأبي طالب وأبي العباس (و) معناه أن المياه تطهر (بالمكاثرة، وهي) يعني: المكاثرة (ورود أربعة أضعافها عليها) يعني: ورود أربعة أضعاف المياه المتنجسة على تلك المياه المتنجسة (أو ورودها) يعني: المياه المتنجسة (عليها) يعني: على الأربعة الأضعاف، وصورة ذلك: لو تنجس رطل من الماء فبورود ضعفه عليه - وهو رطلان - يصير مجاوراً ثانياً، وبورود ضعف الثلاثة - وذلك ستة - عليها فيصير تسعة، فهذه صورة ورود أربعة أضعاف المتنجس عليه، أو ورود الرطل المتنجس على ثمانية أرطال؛ (فيصير) الماء بذلك - يعني: بالورود عليه، أو وروده على الأضعاف - (مجاوراً ثالثاً) يطهر بذلك (إن زال التغير) من ذلك الماء بتلك المضاعفة (وإلا) يزل التغير به، بل كان باقياً (فأول) يعني: فهو مجاور أول متنجس. ويعتبر أن يجعل عليه مثله