تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب صفة الصلاة) يعني ماهيتها

صفحة 507 - الجزء 1

  أراد الصلاة غيرها⁣(⁣١)، فإذا عرض على المصلي ذلك لم تصح صلاته إذا (خشي فوته) لو استمر في الصلاة، وذلك (كإنقاذ غريق) أو طفل أو نحوه خشي ترديه أو احتراقه بالنار أو نحو ذلك - فإنه يلزمه الخروج من الصلاة مهما كان ذلك الغريق محترم الدم، فتفسد الصلاة إن لم يخرج منها إذا غلب على ظنه أنه ينقذه، وإلا يغلب في ظنه إمكان إنقاذه أو نحو ذلك لم تفسد؛ وحيث يظن إنقاذه تفسد ولو انتهى حال الغريق أو نحوه إلى السلامة؛ إذ قد وجب عليه الخروج، واستمراره على ذلك معصية.

  وضابط ما يجب إنقاذه من الغريق ونحوه: كل⁣(⁣٢) حيوان لم يمكنه التخلص، ولا مالكه عنده، [وكان]⁣(⁣٣) مما لا يهدر، ولا رخص فيه الإجماع. فإن كان يمكنه التخلص، أو كان مالكه حاضراً يمكنه إنقاذه، وأنقذه أيضاً، لا لو امتنع فامتناعه منكر، فيجب الخروجُ وأمرُ مالكه، من باب النهي عن المنكر. وقولنا: «مما لم يهدر» ليخرج ما يهدر شرعاً، أو وقع الإجماع بالتسامح بإنقاذه كالذباب والديدان الصغار ونحوها - فلا⁣(⁣٤) يجب إنقاذه؛ للإجماع على عدم وجوب ذلك، لا لجواز قتله، فهو محترم.

  نعم، فيجب الخروج لذلك الواجب الذي خشي فوته، وسواء كان وقت الصلاة موسعاً، أو مضيقاً وخشي خروجه. وكإنقاذ الغريق إزالةُ منكر يخشى وقوعه كالقتل ونحوه، ورد الوديعة أو المغصوب وإن لم يطالب به، وهو يخشى فوت مالكها على وجهٍ لا يعود وقت الصلاة وإن كان يرجى عوده من بعدُ. ولعل مثل خشية فوته خشية ضرره، والله أعلم.

  وهذا - وهو فساد الصلاة لخشية فوت الواجب - بخلاف الوضوء، ولعل وجه الفرق كونه في الوضوء يمكن الإنقاذ من دون إفساد الوضوء، بخلاف الصلاة.


(١) أي: غير صلاة. (شرح).

(٢) وفي حاشية السحولي: مما أمرنا بحفظه ونهينا عن قتله. (é). (شرح).

(٣) زيادة من حاشية في الشرح.

(٤) في (ج): «ولا».