(باب: وصلاة الجمعة)
  أيضاً، ومثلهم الخائف على نفسه أو ماله أو عرضه، فإنها رخصة في حقه وإن قلّ المال الذي يخاف عليه؛ لأنها تسقط بالأعذار الخفيفة. وتلزم من به سلس بول أو نحوه ما لم يخش تنجيس المسجد.
  السادس: أن يكون (نازل) وحقيقية النازل: هو من يكون واقفاً قدر الوضوء والخطبة والصلاة وليس بمسافر، فمن كان نازلاً (في موضع إقامتها) يعني: الموضع الذي تقام في الجمعة - وهي البلد وميلها - وجبت عليه؛ وإن لم يكن نازلاً كذلك فإنها لا تجب عليه حيث يكون مسافرًا لا يقف ذلك القدر، أو مريداً ابتداء السفر قبل ذلك ولو بعد دخول وقت الجمعة ما لم يسمع النداء كما يأتي إن شاء الله تعالى قريباً.
  وإذا كان ثمة مسافرون ونزلوا في مستوطن للمسلمين واجتمعت الشرائط في حقهم، وكان وقوفهم ذلك القدر - فإنها تجب عليهم الجمعة وإن لم يكن ثمة مقيمون في ذلك المحل يقيمون صلاة الجمعة، بل معذورون أو رحلوا عنها قبل ذلك الوقت أو بعده وهم لا يقيمون ذلك القدر. وليس من شرط وجوبها على النازل أن يوجد مقيمون لإقامتها كما قلنا هنا، فتأمل.
  (أو) لم يكن ذلك المكلف نازلاً في موضع الإقامة ولكنه (يسمع نداءها) تفصيلاً، يعني: نداء الجمعة، والمراد بالنداء عند قعود الإمام على المنبر، وهو النداء الثاني، وهو الذي كان يُفعل بين يدي النبي ÷، فإن كان نزوله أو إقامته ذلك القدر - وهو قدر الخطبة والصلاة - بعد دخول وقتها في موضع قريب من موضع إقامتها بحيث يسمع نداء الصيِّت من سور البلد في يوم ساكن الرياح لزمته الجمعة. والمراد بسماع النداء تحقيقاً أو تقديراً بحيث لو كان ثم ريح لم يسمع(١) معها، أو لا ينقص(٢) للسماع حتى لم يسمع، أو كان موضع إقامته في محل بينه وبينها حائل، نحو جبل منتصب أو نحوه بحيث لو قدّر ارتفاع القرية لسمع النداء إليها - فإنه يجب عليه
(١) في (أ): «لسمع».
(٢) لعلها: يتقصى.