تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب: وصلاة الجمعة)

صفحة 638 - الجزء 1

  الحضور، وكذا من هو مثله في محله؛ لأن العبرة بالمسافة التي يسمع منها النداء ولو تقديراً، لا بالسماع حقيقة، فإن حصل السماع حقيقة فبالأولى؛ ولذا تجوز المسافرة بعد دخول وقت الجمعة ما لم يسمع النداء، فإن سمع النداء وجب عليه الرجوع، وسواء سمعه وهو داخل الميل أو قد خرج منه، فكان سماع النداء كحصول⁣(⁣١) الخطبة، فتأمل، والله أعلم.

  ولا بد مع سماع النداء من إمكان الوصول إليها وإدراكها، وأما إذا لم يمكن الوصول إليها أو لا يصل إلا وقد فاتته الجمعة فإنها لا تجب عليه وإن سمع النداء، ولا يجب عليه المسير لها قبل دخول وقتها، بل المراد إمكان إدراكها لو سار إليها بعد دخول وقتها، وإلا فلا.

  فَرْعٌ: ويجوز لأهل بلد إقامة الجمعة وغيرهم من النازلين فيها أن يسافروا ولو بعد دخول وقت الجمعة، ما لم يحضر الخطبة أو يسمع النداء، ولو كان قد خرج من الميل وجب عليه الرجوع.

  فَرْعٌ: ولو سمع نداء الجمعة من بلدٍ غير بلده وهي تقام الجمعة في بلده فإنه لا يلزمه المسير للجمعة⁣(⁣٢) التي سمع نداء الجمعة منها، بل يخيّر.

  (وتجزئ) صلاة الجمعة (ضدّهم) يعني: ضد من صارت في حقه واجبة، فيجتزئ بها عن صلاة الظهر. وضدهم: المرأة، والعبد ونحوه، والمريض ونحوه وهو الأعمى والمقعد، والمسافر. لا يقال: لِمَ تجزئهم وهي ليست بواجبة عليهم؟ لأنا نقول: هي واجبة [عليهم] وإنما جاز لهم تركها، فإذا فعلها فقد فعل ما وجب عليه إلا أنه ترك الرخصة.

  (و) تجزئ صلاة الجمعة (بهم) يعني: بهؤلاء المعذورين من حضورها، فإذا لم يحضرها إلا هؤلاء المعذورون أجزأت بهم ولو كان الإمام منهم، كأن يكونوا عبيداً


(١) لعلها: كحضور.

(٢) لعلها: للبلد.