تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

[حكم القصر]

صفحة 6 - الجزء 2

  ويقول: «أتموا يا أهل مكة، فإنا قوم سفر» وذلك في مدة إقامته بعد الفتح بمكة إلى أن خرج إلى حنين، قيل: مدتها خمسة عشر أو ستة عشر أو سبعة عشر، وليس فيه دلالة على أن من أقام بمحل غير عازم على الإقامة فيه أن مدة قصره هذا القدر ثم يتم؛ إذ ليس فيه أنه لو زاد ÷ على ذلك لأتم، فتأمل.

  وأما الإجماع فلا خلاف في شرعية صلاة السفر إلى ركعتين في الرباعيات على سبيل الجملة وإن اختلف في تفصيل ذلك وفي الموجب له، والله أعلم.

  فائدة: والمستحب للإنسان القطون في بلده، ولا يظعن عنها إلا لحاجة ماسة؛ لقوله ÷: «لا يكون المرء ظاعناً إلا في ثلاث: مَرِمَّة لمعاش، أو تزود لمعاد، أو لذة في غير محرم» وَلِمَا يحصل في الأسفار من نقص الأديان وإتعاب النفوس، وقد جاء عنه ÷ «عز المسافر في دينه» ولذا جاء عنه ÷ في الدعاء للمسافر: «أستودع الله دينك ...» إلخ؛ لما في السفر من نقص الدين غالباً.

[حكم القصر]

  (و) أما حكم القصر فاعلم أنه (يجب) على المكلف، فلو أتم لم يجزئه. وهذا في الفرض، لا المنذورة فتؤدى على صفتها التي نذر بها، وإنما يجب (قصر الرباعي) من الصلوات الخمس، وذلك العشاء والعصران، لا الثنائية كالفجر والثلاثية كالمغرب فلا قصر فيهما. ولا تجب نية القصر كما لا تجب نية التمام. والقصر واجب أداء وقضاء لما فات في حال السفر وإن قضاه في حال الإقامة، وقد مر هذا. والقدر الذي يجب أن يقتصر عليه في الرباعية في السفر هو قوله ¦: (إلى اثنتين) فهذا بيان صلاة المسافر في الصلاة التي كان يجب أن تصلى أربعاً في الحضر، وليس بقصر حقيقة، بمعنى أنها كانت أربعاً فاقتصر على اثنتين، وإنما المراد أنه يجب على المسافر أن يقتصر في صلاته على ركعتين لا يزيد عليهما؛ وذلك لأن أصل الوجوب اثنتان فأقرت في السفر وزيدت في الحضر، [جاء عن عائشة: «فرضت⁣(⁣١) الصلاة على نبيكم ركعتين


(١) في نسخة: وجبت.