(فصل): في تحقيق الوطن وحكمه والفرق بينه وبين دار الإقامة
  لم يرد طلبه في البريد فما فوق، وإن كان بنية السياحة في الأرض وجب عليه القصر أبداً ما لم ينو إقامة عشرة أيام.
  مَسْألَة: من عزم على سفر بريد ولم يرد به إلا ليقصر أو ليفطر أو ليطأ زوجته لا غير ذلك فلا شيء عليه فيه، وقد روي أن أمير المؤمنين كرم الله وجهه في الجنة أمر من حلف ليطأن زوجته في رمضان بالسفر إلى المدائن(١). وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله، آمين، والحمد لله رب العالمين.
(فصل): في تحقيق الوطن وحكمه والفرق بينه وبين دار الإقامة
  (و) اعلم أن (الوطن) يخالف دار الإقامة بما سيأتي (وهو) يعني: الوطن (ما نوى) المالك لأمر نفسه (استيطانه) فيصير بذلك وطناً له، ولا يعترض بذكر لفظ المحدود في الحد؛ لأن الاستيطان معلوم لغة، والمراد أن فهم الاستيطان لا يتوقف على فهم الوطن، وإذا كان كذلك فلا بأس بذكره في حد الوطن.
  ويعتبر في نية الاستيطان لذلك المحل أن يعزم على اللبث فيه أبداً غير مقيد الانتهاء، فلو قيد انتهاء الاستيطان ولو بمدة لا يعيش أكثر منها كمائة سنة أو بالموت لم يصر بذلك وطناً.
  والوطن المستوطن لآباء الشخص وهو ساكن فيه لا يصير وطناً له إلا بالنية غير السكون، ولا يكفي استيطان الآباء له، [وهو ظاهر] قوله: «ما نوى استيطانه»، فتأمل.
  ولو قيد نية الاستيطان بشرط، نحو: «إن حصل في بلد كذا ما هو كذا أستوطنتها»(٢)، أو «إن ملكها إمام عادل»، أو نحو ذلك - فإنها تصير وطناً من عند حصول الشرط إن حصل الشرط وهو باقٍ على نيته لم يضرب.
  وقولنا: «المالك لأمر نفسه» يخرج العبد والمكاتب والصبي والمجنون فإنه لا حكم لنيتهم ولو كان العبد أو الصبي مأذونين، وكذا المكاتب لا يصح منه؛ لأنه غير
(١) في (ج): «المدينة».
(٢) في المخطوطة: أستوطنها.