(فصل): في تحقيق الوطن وحكمه والفرق بينه وبين دار الإقامة
  مالك لأمره. وكذا لا يصير وطن السيد وطنًا لعبده، وأما الزوجة فيصح استيطانها؛ لأنها مالكة لأمر نفسها. ولا حكم للتزويج في المحل، فلا يصير للمرأة وطناً حيث لم تنو استيطانه مع ذلك على المقرر للمذهب.
  نعم، فمن نوى الاستيطان كذلك غير مقيد الانتهاء صار وطناً بتلك النية (ولو) نوى أنه يستوطنه (في) زمان (مستقبل) نحو: أن ينوي أنه مستوطن لبلد كذا بعد مضي شهرين مثلاً من يومه - فإنه يصير ذلك البلد وطناً بهذه النية من الحال، لا بمضي ما قيد به، بل تتبعه أحكام الوطن من حينه.
  وإنما يصح أن يوقت بالزمان المستقبل إن كان التوقيت إليه (بدون سنة) كالشهرين في المثال الأول أو أكثر منها مهما كان بدون سنة، فأما لو وقت بسنة فصاعدا فإنه لا يصير بهذه النية وطناً من حينه حتى لا يبقى من الوقت إلا دون سنة وهو باقٍ على نيته لم يضرب عنها، فيصير وطناً من ذلك الوقت.
  واعتبار التوقيت بدون سنة كما اعتبر في [المستأمن] الحربي أن يُؤْذَن أنه إن تعدَّ السنة منع الخروج وصار ذمياً، ومما يصلح لتعليل هذا الحكم ما جاء عن النبي ÷ من تبريه ممن وقف في دار الحرب سنة، ووجه ذلك ما فيه من الدلالة على أن الإضراب من المكان ذلك القدر يخرج المضرب عن أن يكون من أهل ذلك المكان، والناوي استيطان ذلك المكان [بعد](١) سنة فما فوقها مضرب عنه [سنة](٢)، فيلزم أن لا يعد من أهله، فلا يثبت وطناً له، بخلاف الناوي لاستيطانه من دون سنة فهو كالمقيم في دار الحرب دونها.
  فائدة: ومن نوى أنه يستوطن هذه البلدة في كل سنة يوماً صارت وطناً بذلك؛ لما مر من كون التوقيت بدون سنة؛ إذ يأتي اليوم في العام القابل قبل كمال السنة؛ إذ اليوم ذلك من تمامها، فتأمل.
(١) ما بين المعقوفين من هامش شرح الأزهار.
(٢) ما بين المعقوفين من هامش شرح الأزهار.