تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب): صلاة السفر

صفحة 23 - الجزء 2

  يسافر (لبريد⁣(⁣١)) لا دونه، بخلاف [دار] الإقامة فإنه إذا خرج من ميلها لزمه قصر الصلاة ولو كان على دون البريد. والمختار أنهما يتفقان - دار الإقامة والوطن - في ذلك، فإذا خرج من أيهما وتعدى الميل لا إلى البريد وهو في دار الإقامة عازم على العود لتمام مدة الإقامة - فإنه لا يقصر [إذ لا يخرج] بذلك الخروج من الميل من دون قصد البريد عن كونه مقيماً.

  (و) الوجه الثالث: أن (توسطه) يعني: الوطن (يقطعه) يعني: يمنع القصر، وصورة ذلك: أن يريد [الإنسان] السفر إلى جهة بينه وبينها بريد، لكن له وطن متوسط بينه وبين تلك الجهة التي يريد الوصول إليها، وبينه وبين وطنه هذا دون بريد، وكذا بين وطنه وبين الجهة التي يريد السفر إليها دون بريد - فإنه في هذا السفر لا يقصر؛ لتوسط الوطن، فيمنع القصر ابتداء وانتهاء - يعني: في العود - مهما كان عازمًا على المرور من الوطن أو ميله، وسواء مر منه أم لا، فإن لم يعزم على المرور منه فإنه لا يمنع القصر فلا⁣(⁣٢) إشكال. وهذا يخالف دار الإقامة، وصورته: أن يخرج إلى مكان منها دون بريد، فلما خرج إليه أراد السفر إلى موضع بينه وبينه بريد، ودار الإقامة متوسطة، وفي نيته المرور بها - فإنها لا تقطع حكم السفر، فلا يمتنع القصر. فعلى هذا إن المقيم في بلد مدة لو خرج منها لحاجة إلى موضع خارج الميل ثم رجع منه يريد السفر إلى بلد ويرجع إلى بلد إقامته لتمام مدة الإقامة فيها، ومر في سفره هذا ببلد إقامته - فإنه يقصر فيها؛ لأنها قد خرجت بالعزم على مجاوزة البريد وإن لم يضرب عن الإقامة فيها. ولا يتوهم المناقضة بين هذا وقولنا فيما مر في شرح الحمرة الأولى: «إن من خرج من ميل إقامته لم يقصر»؛ إذ المراد هنالك خرج منه غير مضرب عن الإقامة فوجب التمام؛ لكونه مقيماً وإن خرج من ميل بلد الإقامة؛ لعدم قصده للبريد مع ذلك الخروج من الميل، بخلاف هذا فهو قد عزم على سفر بريد وقد صار خارجًا عن


(١) في الأصل: بريدًا.

(٢) ولا. ظ