(باب): صلاة السفر
  ميل دار الإقامة فبطل(١) بذلك العزم كونها(٢) دار إقامة، فتأمل، والله أعلم.
  فمن وقف في محل لطلب العلم أو التجارة مثلاً ففي مدة إقامته في ذلك المحل لو كان يخرج يتمشى إلى خارج الميل ويصلي فيه - فإنه يتم الصلاة وإن صلاها خارج الميل، حتى إذا قارب مدة عزمه على إيابه إلى وطنه بدون عشرة أيام وخرج كذلك للتمشي إلى خارج ميل بلد إقامته فإنه يقصر الصلاة(٣) بخروجه من الميل ولم تكن نيته أن يعود إلا لتمام قضاء حاجته في دون عشرة أيام ويرحل منها.
  (ويتفقان) [أي:] دار الوطن والإقامة (في) أمرين:
  أحدهما: (قطعهما حكم السفر) إذا مر بهما، وذلك لو نوى أن يسافر إلى محل بينه وبينه بريد ومر بوطنه أو ميله فإنه متى دخل وطنه أتم صلاته، ولا يتوهم أن هذا تكرير، فالمراد في الأول أنه عَزَمَ بالمرور بوطنه أو ميله فإن ذلك يقطع حكم السفر من أصله فيمتنع القصر من ابتداء السفر، والمراد هنا أنه لم يعزم من ابتداء الأمر على المرور به إلا أنه اتفق بأن وصل وطنه فإنه عند وصوله وطنه يتم الصلاة، لا قبل ذلك فإنه يقصر، وعند خروجه من وطنه، إلى ذلك المحل الذي يريد السفر إليه إن كان بينه وبين وطنه بريد قصر، وإلا أتم؛ إذ الوطن قد قطع حكم السفر. وفي هذا الأمر تشارك دارُ الإقامةِ الوطن، فإنه لو أراد السفر إلى محل بينه وبينه بريد فوصل إلى نصف الطريق ونوى الإقامة فيها عشراً فإن الإقامة هذه تقطع حكم السفر، فيتم الصلاة، ويلزمه قبل دخول هذه الدار أن يقصر؛ للعزم على البريد، فلا يتوهم أنه يتم قبل دخولها. وأما لو مر بدار إقامة له يريد أن يقيم فيها في المستقبل ولم يعزم على الإقامة فيها عشراً في وسط هذا السفر فإنه يقصر ولا تقطع حكم السفر؛ إذ ليست بدار إقامة في هذه الحال، فتفارق الوطن في هذه الصورة كما مر في قوله: «وتوسطه يقطعه»، والله أعلم.
(١) في (ب): «فيبطل».
(٢) في المخطوطات: عن كونها.
(٣) الظاهر أن المذهب خلاف هذا، وقد تقدم للمؤلف قوله: وتعدى الميل لا إلى البريد وهو في دار الإقامة عازم على العود لتمام مدة الإقامة فإنه لا يقصر.