(باب): صلاة السفر
  (و) الأمر الثاني مما يتفقان فيه: هو (بطلانهما) جميعاً، يعني: دار الإقامة والوطن، وذلك (بالخروج) من ميلهما (مع الإضراب) عنهما، فمتى خرج من ميل دار إقامته أو وطنه مضرباً عن سكونها بطل حكمها بذلك، فتصير بالنظر إلى المضرب كسائر البلدان التي ليست بدار إقامة ولا وطن له. ولا بد أن يكون الإضراب غير مقيد الانتهاء، لا إن كان كذلك فلا يبطل به حكم دار الوطن لو عزم على عدم السكون في وطنه إلى سنة كذا وإن تعدت المدة، أو إلى أن يتملكها إمام حق أو نحو ذلك، فيبقى بذلك التوقيت حكمها.
  وإذا خرجت دار الإقامة أو الوطن بالإضراب عن حكمها صار حكم صاحبها بالخروج من ميلها كالهائم من غير فرق بين دار الإقامة والوطن، فلا يزال يقصر(١) أبداً حتى يعزم على الإقامة في موضع عشرًا، أو يتجاوز فيه شهراً، أو ينوي الإقامة أو الاستيطان بمحل آخر. ويظهر لك أن دار الإقامة يبطل حكمها بأمور ثلاثة(٢):
  الأول: هذا، وهو الخروج من الميل مع الإضراب.
  الثاني: بخروجه من الميل مع قصد البريد فتبطل الإقامة فيها، بخلاف الوطن. وفائدته لو عاد إليها بعد هذا العزم احتاج إلى نية أخرى للإقامة، وإلا قصر، بخلاف الوطن.
  الثالث: مجاوزته البريد وإن لم يضرب، فتأمل. والله أعلم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله، آمين، والحمد لله رب العالمين.
(١) صوابه يتم±؛ لأن الهائم يتم. فيبطل ما رتبه على القصر من قوله: حتى يعزم على الإقامة في موضع عشرًا إلخ. فالصواب: فلا يزال يتم حتى يعزم على البريد.
(٢) هذه الأمور الثلاثة كما في هامش البيان، والظاهر أن الثاني والثالث سواء، ولفظ هامش شرح الأزهار: أما دار الإقامة فهي تخرج± بثلاثة: خروجه من ميلها مضربًا، أو خرج من ميلها غير مضربًا، ثم أضرب أو خرج منها إلى البريد وإن لم يضرب. فهي تخرج بأي هذه الثلاثة.