تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

[صلاة الاستسقاء]

صفحة 53 - الجزء 2

  الدعاء والاستغفار جهراً مع تجديد التوبة. والجهر بالدعاء مكروه إلا في مواضع، منها: هذا الموضع، ومنها: في عشر ذي الحجة، ومنها الدعاء في الحج، ومنها: دعاء المظلوم.

  وندب قبل الخروج لها الأمر لأهل ذلك البلد بالصوم ثلاثة أيام، ويخرجون في اليوم الرابع ويتمون صومه؛ لأن دعاء الصائم لا يرد، ويأمرهم بالتوبة؛ لأن المعاصي تمنع القطر، فيؤمر برد المظالم والصلح والصدقة؛ ويستسقى بالأخيار من ذرية نبينا ÷، روي أن عمر استسقى بالعباس عم النبي ÷ عام الرمادة، فسقوا في ذلك اليوم سنة ثماني عشرة. والرمادة: الهلاك، ولذا سمي بعام الرمادة، وقد كان عمر استسقى قبل ذلك خمسة وعشرين جمعة فلم يسقوا.

  ويستحب إخراج المشائخ، وهم أبناء الثمانين وما قاربها، والصبيان، ومن لا هيئة لها من النساء، وإخراج البهائم، ويفرق بينها وبين أولادها، وكذا الأطفال⁣(⁣١)؛ ليكثر الضجيج، وقد فعل [قوم]⁣(⁣٢) يونس #، وذلك لما جاءهم العذاب أخرجوا البهائم وفرقوا بينهن وبين أولادهن، وفرقوا [أيضًا] بين النساء والصبيان، ثم دعوا وأكثروا الضجيج إلى الله تعالى والصياح، فصرف عنهم العذاب، وفيهم ما حكى الله تعالى: {إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ}⁣[يونس ٩٨] وكان من دعائهم: «يا حي حين لا حي، يا حي محيي الموتى، يا حي لا إله إلا أنت». وروي أن سليمان ابن داود @ خرج يستسقي فرأى نملة واقفة على ظهرها قد رفعت يديها إلى السماء وقالت: «اللهم [أنت] خلقتنا فارزقنا وإلا أهلكتنا»⁣(⁣٣)، وروي أنها قالت: [اللهم] إنا [خلق] من خلقك، لا غنى بنا عن رزقك، فلا تهلكنا بذنوب بني آدم». فقال سليمان: «ارجعوا فقد كفيتم بغيركم» فسُقُوا.


(١) يفرق بينهم وبين أمهاتهم.

(٢) ما بين المعقوفين من شرح النجري وهامش شرح الأزهار.

(٣) في الانتصار والبستان: فإن رزقتنا وإلا فأهلكنا.