تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): فيما يفعل من حضر عند المريض وما يشرع بعد موته، وما يتعلق بذلك

صفحة 70 - الجزء 2

  مات ميتة جاهلية». ولا يجوز للوصي ولا للشهود تغيير الوصية؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ}⁣[البقرة ١٨١]. وحيث يوصي فقد برئت ذمته وإن تمرد الموصى إليه عن الإخراج، وأما الحق عن ذمة الميت فلا يسقط إلا بالإخراج عنه، فظهر لك أن الميت قد فعل ما أمر به، وهي الوصية، فتبرأ ذمته بذلك، ولعل المراد لا عقاب عليه على ذلك الواجب الذي قد أوصى به وإن أخل به الموصى إليه إلا أن الحق باقٍ عليه. وفائدة قولنا: «أن الحق باقٍ عليه» أنه لو تبرع عنه بالقضاء صح، ولا يزال الموصى إليه مخاطباً بالإخراج، يعني: أن ذمته مشغولة بما أوصى إليه الميت، ولا تبطل ولايته بالتراخي، وسيأتي في الوصايا، فتأمل.

  فائدة: وتستحب العيادة للمريض، عنه ÷: «من عاد مريضاً، أو زار أخاً له في الله ø - ناداه منادٍ من السماء: أن طبت وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلاً». وعنه ÷: «ما من مسلم يعود مسلماً إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عاده عشية صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح» وروي عنه ÷ أنه كان يعود المريض ويحث عليه⁣(⁣١)، والله أعلم.

  (و) إذا خشي دنو الموت من المريض فإنه (يلقن الشهادتين) ندباً إن كان المريض من أهل الشهادتين، ووجوباً حيث لم يكن منهم، وذلك حيث له تأثير، وإلا فندب⁣(⁣٢). ويعتبر أن يكون الملقن له غير وارث ولا حاسد ولا عدو؛ لما في ذلك من أحد هؤلاء من جرح صدر المريض. ولعله يكون بلا أمر، فلا يقول له: قل، بل الأولى أن يقول عنده: «أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله» فيذكر المريض فيقول مثله؛ لأنه إذا أمره بها أمراً فربما ضاق صدره فيردها فيأثم. ولا يكثر، بل يقولها ثلاثاً عنده، وإذا قالها استحب له أن يكرر «لا إله إلا الله» حتى يغلبه النزاع، وإن قالها بقلبه عند ذلك فهو الأولى، وعنه ÷:


(١) في المخطوط: ويحب فعله.

(٢) في المخطوطات: وإلا فلا، والمثبت من هامش شرح الأزهار.