تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في تكفين الميت ومن يجب عليه الكفن والمشروع منه وما يتعلق بذلك

صفحة 100 - الجزء 2

  وفرق بين هذا وبين ما يأتي في الزكاة⁣(⁣١): أن هذا الدين في الذمة، بخلاف الزكاة الباقية عينها⁣(⁣٢) فهي متعينة فلم تكن في الذمة.

  هذا فيما لا يتعلق به حق للغير من تركته، وأما ما يتعلق به حق الغير، كالرهن، والعبد الجاني، ومثله [العبد] المأذون له بالتجارة لو لزمه لمن عامله دين يستغرق ما في يده ورقبته، والأخماس والأعشار المتعينة، وكذا ما كان واجبًا من رأس ماله وعينه - فذو الحق فيها أولى، فلا يكفن الميت من ذلك المتعلق حق الغير به.

  وإنما يكفن مَنْ ماله مستغرق بما عليه من الدين (بثوب) واحد ولا يزاد عليه؛ إذ حق أهل الدين مستغرق لتركته؛ وقدره: الذي تجزئ به الصلاة.

  ويجب أن يكون الكفن (طاهر) ولعل وجه تطهيره ما جاء عن النبي ÷: «فليحسن كفنه»، والطهارةُ من التحسين. ولا يجب تجفيف الميت بعد غسله لئلا يتنجس الكفن، بل يعفى عن ذلك كثوب سلس البول؛ ولا يتوهم باشتراط طهارة الكفن أن ذلك شرط في صحة الصلاة، وكذا ستر العورة، فتصح من دونهما؛ لعدم اشتراط ذلك لها.

  فَرْعٌ: فلو لم يجد إلا ثوباً متنجساً ولم يجد ماء يغسله به فإنه يكفن به ولا يعدل إلى الشجر وغيرها. ويقدم غسل نجاسة بدن الميت على كفنه كالحي.

  ويجب أن يكون ذلك الثوب (ساتر لجميعه) يعني: لجميع الميت من رأسه إلى قدمه، «غالباً» يحترز من المحْرِم فإنه لا يغطى رأسه، والمرأة المحْرِمة وجهها كما يأتي إن شاء الله تعالى.

  ويجب أيضاً أن يكون الكفن (مما له) يعني: لذلك الميت (لبسه) في حياته على الإطلاق؛ ليخرج الحرير وإن جاز لبسه في بعض الحالات فلا يكفن به الرجل، ومثله المشبع صفرة وحمرة. ويجوز تكفين المرأة بالحرير ونحوه؛ لجواز لبسها له في الحياة،


(١) أي: هو أنها تقدم على كفنه ودينه المستغرِق.

(٢) في الشرح: «إذا كانت العين باقية».