(باب المياه)
  هو دوام التمسك بأمر عقلي أو شرعي حتى يحصل ما يغيُّره. فما علمته من الطهارة والنجاسة والأملاك والحقوق والزوجية والمهر والديون ثم غبت عن ذلك زماناً وجوزت تغيُّرَه عن حاله - لم تعمل بالتجويز، بل يستصحب العلم المتقدم ويشهد به؛ للضرورة الداعية إلى ذلك، ما لم يغلب في الظن القضاء للدين أو انتقال الملك، وأما في الطهارة والنجاسة فلا ينتقل عنه إلا بيقين كما مر.
  (و) الثاني: (ضرب) من الأحكام (عكسه) يعني: عكس ما يستصحب فيه الحال، فلا يجوز استصحاب الحال فيه؛ لعظم الخطر أو لعدم الضرورة؛ من ذلك: ما علمت قدره من المكيل أو الموزون ثم غبت عنه، أو جوّزت فيه الزيادة أو النقصان من دون غيبة - فلا يبيعه بجنسه الموافق له في الكيل أو الوزن حتى يعلم تساويهما، ولا يستصحب العلم بالتساوي الأول، بل لا بد من إعادة تقدير ذلك بالكيل أو الوزن ليعلم التساوي؛ لحصول التجويز بعد العلم المتقدم بقدره، وقام التجويز هنا مقام العلم في إيجاب إعادة التقدير ليعلم التساوي؛ بتجويز الزيادة والنقص عما قد علم قدره؛ لعظم الخطر وإمكان العلم بذلك.
  ومن ذلك: الإخبار بأمر يجوز زوال سببه، فما علمته من حياة رجل أو مرضه أو كونه في الدار أو نحو ذلك ثم غبت عنه وجوزت تغيّر حاله - فإنه يعمل فيه بالتجويز المتأخر ولا يستصحب العلم المتقدم؛ لعدم الضرورة إلى ظنك، فلا تُخبر بما كان قد علمته من ذلك قاطعاً، بل تحترز بـ «عهدي به في خير». وما جرت عادة المسلمين به من الإخبار عمن عهدوه في عافيةٍ أو نحوِها مطلقاً فهو مقيد في المعنى. ومن ذلك: أن تطَّلع على معصية من شخص ثم غبت عنه زماناً فليس لك أن تعتقده باقياً على معصيته وإن عاملته معاملة الفاسق. هذا حيث لم يظهر صلاحه، فإن ظهر صلاحه وجبت موالاته، ولم يجز أن تعامله معاملة الفاسق، والله أعلم.
  ومن ذلك: لو التبست امرأة محرّمة عليه(١) بنسوة حلال لم يتزوج(٢) منهن إلا مَن
(١) في (ج): «عليك».
(٢) في (ج): «تتزوج».