تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في دفن الميت وما يتعلق بذلك

صفحة 140 - الجزء 2

  الزارع⁣(⁣١) - لا إلى متولي تلك المقبرة - إن دفعها إلى من يتملك من عالم أو نحوه، فولاية ذلك إليه، لا لو دفعها إلى مصالح المسجد ونحوها فالولاية إلى المتولي.

  (فإن استغنت) هذه المقبرة عن الإصلاح بأن تكون عامرة (فلمصالح الأحياء) يعني: يجب أن تصرف هذه الأجرة التي لزمته بالزرع لمصالح الأحياء من المسلمين والذميين، ويكون ذلك في مصالح (دين المسلمين) ودنياهم إن احتيج من منهل أو مسجد أو عالم أو نحو ذلك، وإلا فلمصالح دنياهم.

  (و) أما أجرة مقابر الذميين فإنها تكون إذا كانت المقبرة⁣(⁣٢) صالحة في مصالح (دنيا) الأحياء من (الذميين) كالطرقات والمناهل ونحوها، لا في مصالح دينهم كالكنائس ونحوها، وتكون ولاية ذلك إلى الإمام. فإن استغنت مصالح دنياهم فإنها تصرف في مصالح المسلمين، وكذا لو لم يوجدوا فإنها تصرف لمصالح دين المسلمين ولو كان لهم بيت مال، فتأمل، والله أعلم.

  وكيفية مقبرة الذميين: أن يوقفها مسلم لدفع جيفهم فيها؛ إذ لا يصح الوقف منهم، وتكون هذه قربة لهذا القصد لدفع الأذى عن المسلمين، فلا يتوهم أنه وقف على الذميين عموماً وهو لا يصح، بل المراد ذلك أو يقفها على ذمي معين، فتأمل، والله أعلم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله، والحمد لله رب العالمين.

  مَسْألَة: (ويكره اقتعاد القبر) كراهة حظر، وهو القعود فوقه، ووجهه ما روي عن النبي ÷: «لئن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه حتى تصل إلى بدنه خير له من أن يجلس على قبر». وكذا بناء مسجد عليه؛ لقوله ÷: «لا تتخذوا قبري وثناً»، وتفصل القبات عن المساجد، وتكره الصلاة فيها.

  (و) يكره أيضًا (وطؤه) بالراحلة والمشي عليه بالأقدام ولو كان القبر في الطريق؛ لأنه يكون استهلاكاً لها فيجب أن تحول الطريق إلى مكان آخر [إن أمكن]، وإلا


(١) في (ج): «الزراع».

(٢) في (ج): «المقابر».