(فصل): في دفن الميت وما يتعلق بذلك
  يمكن تحويلها نبش القبر وحُوِّل للضرورة. ولو أراد الزيارة لقبر آخر وهو لا يمكنه إلا بوطء قبر في ممره فإنه يحرم؛ إذ الزيارة مندوبة ووطء القبر محظور.
  (و) يكره أيضاً (نحوهما) يعني: نحو القعود عليه ووطئه، وذلك كتشريق ثوب أو وضع حمل أو يتكي عليه أو نحو ذلك، وكل استعمال فهو محرم.
  مَسْألَة: (ويجوز الدفن) لميت في قبر قد دفن فيه ميت آخر(١)، وإنما يجوز (متى ترب الأول) يعني: متى قد صار الميت الأول تراباً، مع اتفاق الميت الأول والآخر في الملة والصفة، مؤمنين معاً أو فاسقين معًا، لا الجنس فلا يعتبر الاتفاق فيه، لا إذا لم يتفقا أو لم يكن الأول قد صار تراباً بل هو باقٍ على صفته أو عظاماً فيحرم، إلا حيث يجوز أن يجمع جماعة لتبرك أو ضرورة، وهو ظاهر. ويكفي الظن أن قد صار الأول تراباً باعتبار حرّ البلاد وبردها، وإذا وجد فيه عظاماً لم يجز أن يدفن بجنبها وإن حوزه وحجز بينها وبين الميت، ولا يجوز النظر إليها.
  و (لا) يجوز (الزرع) لقبر ولو قد صار الميت الذي فيه تراباً؛ لأن حرمة أجزائه باقية ولو قد التبست بالتراب. ويفرق بين القبر والازدراع: أن القبر تجديد حرمة فجاز بعد أن صار الأول تراباً، بخلاف الزرع فهو هتك حرمة فيحرم ما دام ذلك الميت ولو قد صار تراباً، فتأمل.
  (ولا حرمة لقبر) كافر (حربي) وولده ولو صغيراً، ومرتد فقط لا غيرهما ممن أبيح دمه بغيرها. فمن اتصف بأحد هذين الأمرين لم يكن لقبره حرمة، فيجوز ازدراعها والمشي عليها والاتكاء ونحو ذلك من وجوه الاستعمال، لا من عدا الحربي والمرتد من الكفار كالذمي فحرمة قبره كحرمة قبر المسلم كما مر، والله أعلم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله، آمين.
(١) في (ج): «أول».