(فصل): فيما ينبغي فعله مع صاحب الجنازة
(فصل): فيما ينبغي فعله مع صاحب الجنازة
  (و) اعلم أنها (ندبت التعزية) لصاحب المصيبة من موت أو غيره ولو كان الميت بهيمة أو غيرها مما يحتمل التعزية على موته فيقول: «خلفه الله عليك بالخير»، عنه ÷ «من عزى مصاباً كان له مثل أجره».
  وأصل العزاء الصبر، يقال: عزيته فتعزى تعزية، ومعناه: التسلية لولي الميت، وثمرتها الحث على الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى ليحصل الأجر. وندب حثه على الصبر، ووعظه بما يزيل الحزن، ومنه الحديث: «من لم يتعز(١) بعزاء الله فليس منا» يعني: التأسي والتصبر عند المصيبة. وإذا أصابت المسلم مصيبة قال: «إنا لله وإنا إليه راجعون» كما أمر الله تعالى، وعن النبي ÷: «لم تعط أمة من الأمم «إنا لله وإنا إليه راجعون» إلا أمة محمد ÷» ألا ترى إلى يعقوب حين أصابه ما أصابه لم يسترجع، وإنما قال: يا أسفا. ومعنى: «بعزاء الله» في الحديث السابق، أي: بتعزية الله إياه، وكذا قوله ÷: «من عزى مصاباً ..» أي: صبره وسلاه ودعا له.
  والمشروع من التعزية مرة واحدة؛ لقوله ÷: «التعزية مرة» عن أنس بن مالك، حكاه في الانتصار، وتكره التعزية بعد ثلاث، لا لو كان غائباً إلا بعد شهر، يقال: «التعزية بعد ثلاث تجديد المصيبة، والتهنئة بعد ثلاث استخفاف بالمودة». ويستحب أن يُعزي لجميع أهل الميت: الكبير منهم والصغير، والمرأة والرجل، لكن لا يعزي للشابة إلا محارمها.
  وتكون التعزية (لكلٍ بما يليق به) فإذا عزى المسلمَ في المسلم قال: «عظم الله أجرك، وأحسن عزاءك، وغفر لميتك»، ومعنى أحسن عزاءك: وفقك لحسن التعزي، وهو الصبر، فإذا كان الميت كافراً أو فاسقاً أو صغيراً أيضاً والمعزى مؤمن لم يقل: «وغفر لميتك»، وإذا كان المعزى ذميًّا قال: «أخلف الله عليك، وأعطاك الله من الأجر على ملتك ما أعطى السلف الماضين من أهل ملتك»، وحيث يكون الميت مؤمناً
(١) في المخطوط: يعز.