تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): فيما ينبغي فعله مع صاحب الجنازة

صفحة 144 - الجزء 2

  ومما ينبغي ما اعتيد من القراءة على القبر، واجتماع المسلمين للقراءة في المسجد إلى روح الميت، وفي بيته بعد ذلك، وإيقاد الشمع والمصابيح، ففي ذلك من الرحمة على الميت وإيناس أهله ما لا يخفى وإن كان بدعة فهي حسنة، وما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن. وندب حمل طعام إلى بيت الميت لأهله من الأقارب والجيران، لا غيرهم فهو مكروه منهي عنه، ويكون ذلك يومًا وليلة؛ لقوله ÷: «اصنعوا لآل جعفر طعاماً؛ لشغلهم بميتهم»، فأما صنع أهل الميت طعامًا وجمع الناس فلم ينقل عن الرسول ÷، ولا ذهب إلى استحبابه أحد من الأمة، وهو بدعة إذا لم يكن فيهم - أعني: الورثة - يتيم، فإن كان ثمة يتيم فهو حرام فعله وأكله؛ لمخالفة السنة وأكل مال اليتيم بغير حق، وقد قال: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ١٠}⁣[النساء] وكذا لو كان في الورثة من لم يرضَ بفعله، ولا يلزمه ذلك، ويضمنون ذلك، والقرارُ على الآكل، إلا أن يوصي بذلك الميت كما قد جرى العرف به، ويكون من الثلث، أو يكون عليهم غضاضة - أعني: على أهل الميت - لو لم يفعلوا، أو يجري العرف به - فلا بأس بذلك، بل يكون من باب المكافأة الواجبة، ويلزم الصغير ومن لم يرضَ، كما يعتاد ذلك في بعض المحلات أن صاحب الموت يصنع لأهله وأهل بلده في بعض القرى طعاماً ليلة الموت وفي ثانيه، ويكون ذلك غرماً لازماً كسائر الأغرام اللازمة في المحلات تلزم الصغير والكبير، وكذا ما يعتاد من صنع أهل القرية في بعض الجهات لصاحب الموت طعاماً وحملهم عشاء أهل القرية بأن كل واحد يصنع طعاماً ويقبل به إلى بيت أهل الميت ويجتمع عليه أهل القرية كلهم؛ فلذا يلزم هذا ويعم الصغير والكبير، والله ولي التوفيق، وهو حسبنا وكفى ونعم الوكيل، والحمد لله رب العالمين.