تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان ما لا تسقط الزكاة به مما يتوهم أنها تسقط به

صفحة 170 - الجزء 2

  التي للتجارة من بعد حول الحول؛ لأن الفقراء غير متعينين، بخلاف الشريك في البهائم فيشارك في النتاج والنماء؛ لما كان متعينًا، وكذلك الشركة في الأمة لا يحل وطؤها لأحد من الشركاء؛ لما كانوا متعينين. وإنما يترتب على قولنا بوجوب الزكاة في العين قوله ¦: (فتمنع الزكاة) بمعنى لو كان المال المزكى قدر النصاب فقط وحال عليه الحول لزمت الزكاة في عينه فينخرم بها النصاب، فلا يجب في المال في الحول الثاني زكاة؛ لانخرام النصاب بزكاة الحول الأول؛ لتعينها في العين، وإن لم ينخرم النصاب بها بأن يكون المال زائداً على النصاب بكثير فلا تزال الزكاة تجب فيه حولًا بعد حول حتى ينقص المال عن النصاب بإخراج الزكاة في كل حول، يعني: بتعينها في نفس المال، ثم لا يجب بعد نقص النصاب شيء وإن كان المال كله باقيًا مع ذلك المالك لم يخرج منه الزكاة ولا غيرها، فعلى هذا لو كان لرجل مائتا درهم ولم يزكها سنين متعددة لم يجب عليه إلا زكاة السنة الأولى، لا ما بعدها؛ لنقصان النصاب بتعين الزكاة في نفس المزكى، وإن كان له ثلاثمائة درهم لم تزل تجب الزكاة في كل حول في عينها حتى تصل إلى مائتي درهم وتجب لعام واحد فقط، لا بعده فلا؛ لما مر، ولو حال الحول على خمس وعشرين من الإبل لزم فيها واحدة، وبها انخرم نصاب الإبل، ثم بعد ذلك في الحول الثاني وما بعده يلزم لكل حول شاة عن كل خمس، وتتعدد الشياه بتعدد الأحوال هنا؛ لعدم تعين الزكاة في هذه الصورة في عين الإبل فلا تمنع الزكاة في كل حول؛ ولذا لو ملك خمسًا من الإبل ومضى عليها حولان يلزم لكل حول شاة، فيلزم شاتان؛ لما مر من عدم لزومها في عينها، بل في غيرها؛ ولذا يقال: على قولنا: وتجب في العين: «غالباً»، يحترز من هذه الصورة، ومن الموقوف أيضاً فإنها لا تجب الزكاة في عينه، وأما ما قيمته نصاب من المستغلات وأموال التجارة وزكاة الأنعام على الإطلاق فإنها وإن جاز الإخراج من الجنس مع إمكان العين فهي تمنع الزكاة؛ لوجوب الزكاة في العين من أول الأمر وإن جاز إخراج غيرها فهو بدل عن ذلك اللازم في العين، فافهم وتأمل، والله أعلم.