(باب) في زكاة الذهب والفضة
  والمراد بالجودة: النعومة والصبر على الضرب ونحوها، وبالرداءة: الخشونة والتفتت عند الضرب. والتحقيق أنه ينظر أهل الخبرة في الجيد والرديء. وكذا لا يُخْرَج ذهب رديء عن جيد، وكذا في غيرها(١) مهما كان المخرج في الذهب والفضة من جنسهما، لا إذا أخرج عن الذهب من الفضة أو العكس فإنه يجوز ويجزئ إخراج الرديء عن الجيد، وهذا مفهوم قوله |: «من جنسه»، وإنما يكون ذلك بالتقويم، وذلك لو أنه ملك مائتي درهم جاز أن يخرج ذهبًا رديئًا قيمته خمسة دراهم جيدة عن هذه المائتين الدرهم، ويجوز أن يخرج ستة دراهم رديئة(٢) قيمته لأجل الصنعة خمسة دراهم جيدة، [وكذا لو أخرج خمسة دراهم رديئة بنية كونها عن ذهب قيمته خمسة دراهم جيدة](٣)، وذلك الذهب عن المائتين الدرهم الجيدة، ولا يحتاج في هذه الصورة أن ينوي الذهب عن خمسة جيدة، وكذلك في الصورة الأولى حيث أخرجه عن نفسه، والوجه في جواز ذلك هو أن الذهب والفضة كالجنس الواحد؛ ولذا يضم بعضها إلى بعض، بخلاف البيع فهما فيه جنسان.
  نعم، وهو لا يجزئ إخراج الرديء عن الجيد (ولو) لم يصر جيداً إلا (بالصنعة) بالنون بعد الصاد المهملة، وبالياء المثناة من تحت بعدها، فهو يأتي بهما، فلا يجزي إخراج الرديء عنه بعد أن صار جيداً بها، فلو صنع إناء من فضة رديئة قدره مئتا درهم، وأتت قيمته لأجلها مائتين جيدة، لم يجزئه أن يخرج عنه خمسة دراهم رديئة، بل جيدة أو ربع عشر ذلك الإناء. فإن لم يبلغ وزنه مائتي درهم لم تجب فيه الزكاة ولو صارت قيمته لأجل الصنعة مائتين أو زائدًا، إلا أن يكون مالكه صيرفيًّا وبلغت قيمته نصاباً من غير جنسه.
  وحاصله: أن وزن الإناء لا يخلو: إما أن يكون نصاباً أم لا، إن لم يبلغ لم تجب فيه الزكاة ولو كانت قيمته نصاباً، إلا أن يكون مالكه صيرفيًّا وبلغت قيمته نصاباً من
(١) في (ج): «غيرهما».
(٢) صوابه: قيمتها.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).