(باب) في زكاة الذهب والفضة
  (و) هو (يجوز العكس) وهو أن يخرج الجيد عن الرديء، كأن يزكي على مائتي درهم رديئة الجنس خمسة جيدة، وهي أفضل، ويجزي أن يخرج عنها خمسة رديئة، وهو الواجب عليه (ما لم يقتض) إخراج الجيد عن الرديء (الربا) بين العبد [وبين الله تعالى](١) لم يجزئ، ولا يجوز ذلك، كأن يخرج أربعة جيدة عن خمسة رديئة ومعه مائتا درهم رديئة، وأما لو جعل الأربعة الجيدة عن الواجب أو عن ذهب يسوى خمسة رديئة فإنه يجزئ ذلك. وحيث يخرج الأربعة الجيدة عن الخمسة الرديئة لا يجزئه ذلك ولا عن أربعة رديئة؛ لأن ذلك ربا؛ لكونه نوى الأربعة عن الخمسة، فلو نواها زكاة أجزته عن الأربعة ويبقى عليه درهم، لا إن نواها عن الواجب لم يبق عليه شيء. وحيث يكون ربا له إن يرتجعها ويجب عليهم الرد؛ لأن الربا منافٍ للقربة.
  مَسْألَة: من أخرج عرضاً عن أكثر من قيمته أجزأ بقدر قيمته فقط، لكن حيث ظن أنه قد أجزاه عن الكل والفقير عالم بعدمه يلزمه إخباره من باب الأمر بالمعروف. ولو طلب رب المال من الفقير إرجاعه له أو يأخذه بجميع الزكاة لم يثبت للمالك ذلك؛ إذ قد ملكه الفقير.
  (و) إذا أراد المزكي (إخراج جنس عن جنس) آخر فإنه يجزيه ويجوز له ولو كان الإخراج من العين ممكنًا، فيجزي إخراج الذهب عن الفضة والعكس، والمراد حيث يخرج عن أحد الجنسين ما قيمته قدر الواجب من الآخر؛ ولذا قال ¦: (تقويماً) فيقوم الذهب بالفضة حيث يجزيه(٢) عنها قدر الواجب منها، والعكس. وأما لو أراد أن يخرج عن أيهما شيئًا من الأمتعة أو الطعام فإنه لا يجزيه ذلك إلا لعذر كما يأتي، إلا أن يكون ذلك من أموال التجارة أجزى؛ إذ هما وأموال التجارة كالشيء الواحد فيجزي إخراج أحدهما عن الآخر ولو أمكن من العين، والله أعلم.
(١) في (ج): «وربه».
(٢) لعلها: حيث يخرجه كما في شرح الأ زهار.