تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان ما يصير به المال للتجارة أو للاستغلال، وما يخرج به عن ذلك، وحكم مؤن مال التجارة، وأحكام تتبع ذلك

صفحة 190 - الجزء 2

  أو غير مال كالمهر وعوض الخلع، أو بغير عوض كالهبة والإحياء كما مر، فالمال في هذه الأشياء يملك باختياره، فإذا نواه للتجارة عند ابتداء تملكه صار للتجارة، وأما إذا لم يكن تملكه لذلك الشيء باختياره فإنه لا يصير للتجارة بالنية عند ابتداء التملك، بل لا بد مع النية من المعاوضة في العين بعد ذلك، وذلك كما وهب للعبد وجناية الخطأ أو⁣(⁣١) العمد الذي لا قصاص فيه، وكذا النذر والوصية، وكالميراث، وسواء كان الوارث وحده⁣(⁣٢) أو معه غيره، وسواء كانت العين الموروثة مثلية أو قيمية، وإن جعلت القسمة في القيمي كالبيع فهو في أمور لا هنا فهو مملوكه بغير اختياره، فلا تصير هذه الأشياء للتجارة بمجرد النية؛ لما كان دخولها في ملكه بغير اختياره، وهذا هو المحترز عنه بمفهوم قوله ¦: «بالاختيار»، فافهم.

  فَرْعٌ: فإن نوى بيع ما دخل في ملكه بغير اختياره عند حصول شرط معلوم أو مجهول - فإنه يصير للتجارة في الحال⁣(⁣٣) من غير نظر إلى أنه قيد البيع بحصول الشرط، وسواء كان ذلك الشرط مما يعلم حصوله كموت زيد وطلوع الشمس أو نحوهما، أو كان مما يجوز عدمه، وسواء كان [ما يجوز عدمه] من فعله وهو عازم عليه أو غير عازم على فعله، أو يكون من فعل غيره، كقدوم زيد أو القافلة، فتأمل، والله أعلم.

  مَسْألَة: (و) يصير المال (للاستغلال) بأحد أمرين: إما (بذلك) الذي مر فيما يكون به للتجارة، وهي أن ينوي استغلال هذه العين عند ابتداء ملكه بالاختيار. والأمر الثاني قوله ¦: (أو) لم ينو الاستغلال عند ابتداء ملكه لها فإنها تصير لذلك بـ (الإكراء لها بالنية) لذلك عند أن أكراها، فإذا أكراها ناوياً ذلك صارت للاستغلال فيجب فيها ربع عشر قيمتها عند تمام الحول إذا كملت نصاباً أو يضمها إلى مال التجارة أو نحوها، وسواء كانت إجارته⁣(⁣٤) صحيحة أو فاسدة، وكذا لو زارع في أرضه فإما


(١) في (ج): «و».

(٢) في (ج): «واحدًا».

(٣) في البيان: من الحال.

(٤) في (ج): «إجارتها».