(باب) قضاء الحاجة
  لأن الأكل والشرب حالةُ التذاذ، وهذه حالة تستخبثها النفس، قال الإمام ¦: وعندي أن كل فعل - ويزاد «أو قول» - عند قضاء الحاجة ليس مما يحتاج إليه فيها - ويزاد «ولا تدعو الضرورة إليه» - فإنه مكروه؛ لأن الحفظة في تلك الحال صارفون أبصارهم، فمهما صدر فعل ليس من توابع قضاء الحاجة آذن بالفراغ، فتلتفت الحفظة فيؤذيهم برؤية عورته. وقد يؤخذ من هذا أن التعري في الخلوة مكروه. ويكره السواك حاله أيضاً.
  (و) منها: (الانتفاع باليمين) في شيءٍ من منافع قضاء الحاجة حتى تناولِ الأحجارِ ولو لم يخش تنجيسها؛ لأنه ليس لأجل الخشية المذكورة، بل لقوله ÷: «جعلت يميني لطعامي وشرابي وطيبي، وشمالي لما عدا ذلك»، وفي الحديث عنه ÷: «يميني لما شرف، ويساري لما خبث»، وقد روي عنه ÷: الانتفاع في شيء من الطعام باليسار، كإمساك الطعام والأقشام(١).
  فَرْعٌ: ويكره مس الفرج باليد اليمنى؛ لقوله ÷: «إذا بال أحدكم فلا يمس ذكره بيده اليمنى»، إلا لعذر فلا كراهة، كخشية التلوث بالنجاسة حيث لم يكن قرب جدار، ولا أمكنه وضع حجر بين رجليه. ويكره أيضاً حال الاستنجاء وحال الجماع، وهو المقرر.
  (و) منها: (استقبال القبلتين) بالبول أو الغائط، وسواء كان حال خروج الخارج أو قبله أو بعده، فيكره مطلقاً ما دام مكشوف العورة، والعبرة في ذلك بالفرجين لا بكل البدن. ووجه ذلك قول النبي ÷: «إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ببول ولا غائط»، والقبلتان هما: الكعبة وبيت المقدس - شرفهما الله تعالى، وبلَّغنا حجهما، آمين - فيكره استقبالهما مطلقاً، سواء كان في الخلاء أم في العمران، ولا يحرم ذلك، وإنما كره في بيت المقدس مثل الكعبة لأن نسخ التوجه إليه لا يبطل حرمتَه، وهو إحدى القبلتين، ونسخ وجوبها لا يبطل حرمتها،
(١) الإقشام: لهجة دارجة المراد منه هنا تناول ما يطلق عليه القُشْمِي (الفجل) أو الكراث أو الجرجير - بالشمال وأكله أثناء تناول نوع آخر من الأكل باليمين.