تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

[ما يحرم على قاضي الحاجة وما يلزمه وما يجزئه]

صفحة 98 - الجزء 1

  فَرْعٌ: فلو ترك المتيممُ ونحوُه الاستجمارَ حتى جف أثر البول وأراد التيمم فإنه لا يجزئه حتى يستجمر؛ لأن وجوبه تعبدٌ لا لقصد التجفيف. ولا ينتقض الاستجمار بالحدث كانتقاض الوضوء إذا كان الحدث ريحاً أو نحوه، كالغيبة والكذب.

  (ويجزئه) يعني: المستجمر، ومعنى الإجزاء: الخروج عن عهدة أمر الوجوب أو الندب، فالذي يجزئ الاستجمار به ما جمع شروطاً:

  الأول: أن يكون (جماد) فلا يجزئ بالحيوان، وهو ما حلته الحياة، لا ما لا تحله الحياة كالقرن والظلف، وكذا الشعر بعد انفصاله من الآدمي⁣(⁣١) وغيره - فيجوز به ويجزئ إذا أنقى، لا العظم فلا؛ للحرمة، ولأنها تحله الحياة، وكذا الجلد.

  الثاني: أن يكون (جامد) فلا يجزئ بالمائع من غير الماء، كالخل ونحوه من السمن وغيره، بل يحرم؛ لأنه يكون ترطباً بالنجاسة.

  الثالث: أن يكون (طاهر) فلا يجزئ ولا يجوز بالنجس أو المتنجس ولو خشي تعدي النجاسة عن موضعها. والمراد طهارة موضع الاستعمال فقط ولو كان باقيه متنجساً.

  الرابع: أن يكون (مُنْق) لأثر النجاسة، كالحجر الخشن والمدر والعود الخشنات، لا الذي لا ينقي فلا يجزئ، بل لا يبعد عدم الجواز إذا كان يؤدي إلى تبدد النجاسة، كالحجر الصقيل، والخُلُب، والبيضة، وورق الشجر، والمرآة، ونحوها.

  الخامس: أن يكون مما (لا حرمة له) وهو كل ما فيه كَتْب من القرآن أو شيء من كتب الهداية، وسواء كانت الكتابة باقية أو قد بيضت⁣(⁣٢)؛ إذ الحرمة باقية. وكذا كل ما كان طعامًا لنا ولدوابّنا أو للجن، وذلك كالطعام من أي أنواعه، وكالقضب و القصب ونحوهما من طعام الدواب، وزبل ما لا يؤكل وغيره، والمتنجس أيضاً؛ وكما يحرم الاستجمار بالقضب⁣(⁣٣) ونحوه مما له حرمة - يحرم البول عليه. وكالفحم والعظم وروث ما يؤكل لحمه؛ لأنها طعام الجن؛ فعلى هذا يحرم الاستجمار بروث ما يؤكل لأمرين: للحرمة، ولكونه طعامَ الجنِ، عن ابن مسعود قال: قدم وفد من الجن


(١) هذا خلاف ما في حواشي شرح الأزهار، ولفظه: من غير الآدمي. (é).

(٢) في (ب): «طمست». وفي (ج): «مضت».

(٣) في (ج): «القصب».