تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان ما يحرم فعله في الحرمين

صفحة 494 - الجزء 2

  يهدي أو يأمره بالصوم، فإن صام من دون إذنه لم يجزئه، ولا يصح أن يصوم هو عنه؛ لأن الوجوب على العبد، ولا تصح النيابة فيه. وإذا عتق العبد قبل الإخراج فهما مطالبان جميعاً، وأيهما أخرج صح ولا رجوع له على الآخر. وإنما يلزم السيد ما وجب على العبد من ذلك بعد الإذن إلا (إن نسي) كونه محرماً وفعل ما يوجب أحدها ناسياً (أو اضطر) إلى شيء من ذلك بحيث يجوز له فعله، كلبس المخيط ونحوه، (وإلا) يأذن له سيده أو أذن وارتكب ذلك من دون نسيان ولا ضرورة بل تعمداً لغير عذر ولو جاهلاً للتحريم (ففي ذمته) ما لزمه من ذلك، ولا شيء على سيده، ويبقى في ذمته حتى يعتق، فإن أخرج عنه السيد لم يجزئه، وكذا لو صام في حال الرق لم يجزئه إلا بإذن سيده، فإن أذن له فإنه يجزئ، وله منعه من الصوم ولا إشكال. وإذا اختلف السيد والعبد هل فعل ذلك ناسياً أو عامداً فالقول للسيد؛ إذ الأصل في فعل كل عاقل العمد، فيلزم العبد في ذمته. وهذا بيان ما لزمه لأجل الإحرام، وأما ما لزمه لأجل الحرم من قتل صيد أو قلع شجر فهي جناية تتعلق برقبته، فيسلمه أو فداه بالغاً ما بلغ، ولعله سواء أذن له أو لا؛ إذ الإذن بالحج لا يتناول ذلك الفعل، وإن تناوله فهو لا يباح له بالإذن، كالإذن بالجناية على الغير، والله أعلم.

  مَسْألَة: (ولا شيء) من الفدية ولا غيرها مما يلزم بالإحرام (على الصغير) والمجنون إذا أحرم مجنوناً؛ لعدم التكليف، ويستحب لوليِّه منعه من ذلك من باب التعويد، ولا يجب كالتأديب؛ إذ هو في العمر مرة. وأما السكران والساهي والنائم فيلزمهم ما ارتكبوا مما يوجب شيئاً، وكذا المجنون إن طرأ بعد الإحرام؛ لانعقاد إحرامه وصحة حجه. والمراد بعدم اللزوم على الصبي فيما لزم لأجل الإحرام، وأما ما لزم من القيمة لأجل الحرم فيلزمه كغيره؛ إذ هي جناية، والله أعلم.

(فصل): في بيان ما يحرم فعله في الحرمين

  أما تحديد حرم مكة فقد مر، وأما حرم المدينة فهو من كل جهة بريد، فيحرم من ذلك ما يحرم من حرم مكة، عنه ÷ في مكة حرم الله ما بين لابتيها لا يعضد كلائها ولا يقتل صيدها. واللابة واللبة: الأكمة السوداء. تمامه: «وأنا حرمت المدينة