تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): يتضمن ذكر النيابة في الحج عمن لزمه ولم يحج حتى حضره الموت وما يتعلق به

صفحة 608 - الجزء 2

(فصل): يتضمن ذكر النيابة في الحج عمن لزمه ولم يحج حتى حضره الموت وما يتعلق به

  (و) اعلم أنه (من لزمه الحجُّ) بأن تكاملت شروط الاستطاعة في حقه ولم يحج، أو طوافُ الزيارة أو السعيُ في العمرة (لزمه الايصاء به) إن كان له مال؛ لوجوب التخلص عن الحقوق، وهو من جملتها، وإن لا يكن له مال فندب كما سيأتي في الوصايا (فيقع عنه) ما فعل عن أمره بالوصية وتسقط عنه حجة الإسلام، فهو مخالف لسائر العبادات في صحة نيابة الغير عنه؛ دليله ما روي عنه ÷ أنه سمع ملبياً عن شبرمة فقال له: «حج عن نفسك ثم عن شبرمة» فدل على صحة النيابة فيه، ولحديث الخثعمية، (وإلا) يوص به (فلا) يقع عنه لو حج عنه الوصي أو الورثة من دون وصية فإنه لا يسقط عنه الواجب ولو علم الوصي أو الوارث لزومه عليه، فيغرم الوصي أو أحد الورثة إذا حجج من دون رضا الباقين. وسواء كان المحجج عنه أجنبيّاً أو الولد ولو كان هو النائب؛ إذ هي عبادة لا يناب فيها، وصحة النيابة فيها بخلاف القياس فلا يقع إلا بالأمر؛ إذ هو يتعلق بالبدن، فلا ينتقل عنه إلى المال إلا بوصية كغيرها من سائر الواجبات أو القرب الموصى بها، وحديثُ الخثعمية محمولٌ على وقوع الوصية من أبيها، ووجه الحمل ما قد علم أن الانتقال إلى المال لا يقع إلا بوصية. وفي غاية السؤل أن الحج عن الميت لا يتصف بأداء ولا قضاء. ومن بقي عليه طواف الزيارة كذلك فإنه لا يناب عنه إلا بوصية، وإلا فلا كأصله، فتأمل.

  فَرْعٌ: وإذا كان الموصي بالحج فاسقاً صح التحجيج عنه، ولا يأثم الأجير، وتطيب له الأجرة، إلا أنه لا يدعو له؛ لتحريم الدعاء للفاسق، ولا يكون خائناً بترك الدعاء، والله أعلم.

  (وإنما ينفذ) الايصاء بالحج (من الثلث) يعني: من ثلث باقي التركة بعد إخراج ما يجب من رأس المال، وسواء في ذلك الايصاء بالنافلة والفريضة. وهذا حيث له وارث، وإلا فمن رأس المال ولو استغرقه، وكذا لو كان له وارث وأجاز، وحيث يكون له وارث يكون من الثلث وتشاركه سائر الوصايا في قدر الثلث سواء كن فروضاً أو نوافل. وحيث لا يكفي التحجيج من وطن الموصي فمن حيث يبلغ ولو