مقدمة التحقيق
مقدمة التحقيق
  الحمد لله الذي بين لنا الحلال والحرام في كتابه المبين، وأعز العلم وأهله العاملين المتقين، حمدًا يفوق حمد الحامدين، ونشكره على نعمه التي لا تحصى، ونشهد ألَّا إله إلا الله وحده لا شريك له جعل التقليد للأئمة الأمجاد طريقًا للقاصر عن بلوغ النظر والاجتهاد.
  وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي مهد قواعد الشريعة وبناها أحسن بناء، صلى الله عليه وعلى أهل بيته الطاهرين الآخذين لأصول عقائدهم وشرائعهم وفقههم عن كتاب الله المبين وسنة رسوله الأمين مسندة إلى أبيهم سيد الوصيين عن جدهم سيد الأنبياء والمرسلين، أما بعد:
  فإن الشريعة الإسلامية جاءت شاملة لكل نواحي الحياة، ومعالجة لجميع مستجداتها ومشاكلها، فهي لم تترك جانبًا من جوانبها إلا وقد استوعبته تشريعاً وتقنيناً وإرشاداً وتوجيهاً يرعى مصالح هذا الإنسان قبل تكوينه وحين تكوينه إلى أن يموت، بل وبعد الممات أيضاً، وجعلت لكل حياته قوانين تتضمن الفعل أو الترك.
  ولا يتولى تفصيلَ وبيانَ ذلك إلا علمُ الفقه؛ وذلك لأنه يوضح الجانب العملي من أحكام العبادات والمعاملات، البيع والإجارة والهبات، والنكاح والطلاق والمواريث، والحدود والقصاص و ... و ... ؛ فتراه يبين حكم الشريعة في الجرائم التي يستحق فاعلها حدًا خاصًا وموارد القصاص والدية، وشرائط صحة البيع .... وغير ذلك؛ فعلم الفقه ثمرة اجتهاد المجتهدين، والغاية العظمى والمقصد الأسمى من استنباطهم وإعمال أفكارهم في أصول الشريعة وغوصهم في علوم اللغة وتحقيقهم لأصول الفقه وقواعده لاستخراج المسائل الفقهية من أصولها؛ فلا غرو أن يلقى عناية فائقة من التأليف والترتيب والتنقيح من جميع علماء الأمصار دون استثناء، وما دونت كثير من فنون العلم إلا لخدمة ومعرفة هذا العلم وتطبيقه.
  ومن المعروف المشاهد أن المذهب الزيدي من أكثر المذاهب اهتمامًا بذلك، وأوسعها بحثًا وتخريجًا، وأشملها ذكرًا للآراء والأقوال في مسائل الفقه بجميع أنواعها.